اهتزت الطبقة السياسية على وقع انتشار خبر، لم يقع تفنيده رسمياً، مفاده اعتزام رئيس الحكومة الجديد المهدي جمعة، الذي عيّنه الحوار الوطني منذ عشرة أيام، رفض المنصب الجديد جراء تراكم الضغوطات عليه من جانب أحزاب الترويكا الحاكمة والمعارضة على حد سواء في وقت يخوض فيه سلسلة من المشاورات الأخيرة لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة وفق ما تنص عليه بنود خارطة الطريق التي وضعها الرباعي الراعي للحوار وأمضت عليها كافة الأحزاب المشاركة فيه.
ولئن لم يصدر تكذيب رسمي أو تأكيد للخبر، فإن الحقيقة التي لا مناص من الاعتراف بها، معاناة المهدي جمعة من ضغوطات الأحزاب من داخل السلطة وخارجها قصد تشريك أحد أبنائها في التشكيلة الحكومية الجديدة قصد التموقع في الحكم مجدداً بالنسبة إلى أحزاب الترويكا المستقيلة والبحث عن موقع إستراتيجي لضمان التواجد في الحكومة بالنسبة إلى أحزاب المعارضة.
ويعتبر المراقبون والمقربون من المهدي جمعة، أن الرجل وبفضل حنكته وقوة شخصيته، لن يخضع للضغوطات التي ما فتئت بعض الأطراف تمارسها عليه منذ تعيينه قبل عشرة أيام، وذلك على خلفية اعتزامه الانتهاء قريباً من اختيار الوزراء الذين سيعملون تحت إمرته، مشددين على أنه لن يتراجع عن قبول المنصب بعد أن ذهب بعيداً في مسار تشكيل حكومته.
وتشير مصادر قريبة من جمعة، إلى أن رئيس الحكومة الجديدة مُصرٌ على أن يتمتع كل من سيختاره ليرأس إحدى الوزارات بكامل الحيادية والاستقلالية وأن يلتزم بعدم الترشح للانتخابات القادمة، وأن جمعة متمسك بعدم قبول ترشح أي عضو في الحكومة الحالية والسابقة لها لحكومته التي يريدها على نفس المسافة من كافة التيارات السياسية والفكرية الموجودة على الساحة، فيما لم تنف بعض المصادر نية المهدي جمعة الإبقاء على بعض الوجوه في مناصب استشارية بحتة باعتبار كفاءتها وتجربتها في معالجة الملفات الحارقة.
في غضون ذلك، فوجئ الشارع التونسي بتصريح للشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم، مفاده أن حركته تسعى إلى اتباع منهج الأحزاب الديمقراطية النصرانية في أوروبا وبخاصة ألمانيا الفيدرالية وذلك بالتوازي مع حرص النهضة على إرساء ثوابت منظومة ديمقراطية على المنوال الإسكندنافي.
وهي تصريحات تُضاف إلى ما كان أكده خلال الأسبوع الماضي حول استعداد النهضة وجاهزيتها لترشيح أسماء لعدد من أبنائها بإمكان المهدي جمعة ضمهم إلى قائمة وزرائه، فيما تصر المعارضة على ألا يكون للنهضة موطئ قدم في حكومة الكفاءات المستقلة، وتعمل في الخفاء على مدّ جمعة بمجموعة من الأسماء «المستقلة المعارضة» لترشيح حكومته الجديدة بها.
وسط هذا التجاذب الذي لم ينته منذ قيام الثورة التي يحتفل التونسيون بعد أسبوعين بذكراها الثالثة، أصيبت أحزاب المعارضة في مقتل بانسحاب الحزب الجمهوري الذي تشهد شعبيته تراجعاً كبيراً، من تيار الاتحاد من أجل تونس الذي يضم أكبر أحزاب المعارضة على غرار نداء تونس والجبهة الشعبية.
وتشير بعض التسريبات إلى أن هذا الانسحاب زاد من إضعاف المعارضة التي انبرى قياديوها يخففون من تداعياته على أداء التيارات المعارضة التي تسجل تراجع بورصتها لدى الرأي العام التونسي على خلفية مواقفها التي عطلت الحوار الوطني مراراً مقابل تمسك الترويكا الحاكمة وعلى رأسها النهضة، بضرورة إحلال التوافق بين الفرقاء السياسيين وتنازلها من أجل تحقيق ذلك، إلى جانب تملص قياديي نداء تونس من علاقة حزبه.
وسط هذا التجاذب الذي لم ينته منذ قيام الثورة التي يحتفل التونسيون بعد أسبوعين بذكراها الثالثة، أصيبت أحزاب المعارضة في مقتل بانسحاب الحزب الجمهوري الذي تشهد شعبيته تراجعاً كبيراً، من تيار الاتحاد من أجل تونس الذي يضم أكبر أحزاب المعارضة على غرار نداء تونس والجبهة الشعبية.
وتشير بعض التسريبات إلى أن هذا الانسحاب زاد من إضعاف المعارضة التي انبرى قياديوها يخففون من تداعياته على أداء التيارات المعارضة التي تسجل تراجع بورصتها لدى الرأي العام التونسي على خلفية مواقفها التي عطلت الحوار الوطني مراراً مقابل تمسك الترويكا الحاكمة وعلى رأسها النهضة، بضرورة إحلال التوافق بين الفرقاء السياسيين وتنازلها من أجل تحقيق ذلك، إلى جانب تملص قياديي نداء تونس من علاقة حزبهم «الثقيلة والمزعجة» مع الجبهة الشعبية اليسارية المتطرفة.
وفي ذات السياق عمّ الارتياح قلوب التونسيين المتعبة، إثر إعلان الحسين العباسي رئيس اتحاد الشغل الذي يقود الرباعي الراعي للحوار الوطني، عن استبشاره بوجود مؤشرات إيجابية للتوافق بشأن الانتهاء من المسارات الثلاثة الحكومية والتأسيسية والانتخابية قبل 12 يناير المقبل، وهو موعد كان لرباعي حدده لاستكمال المسارات وتقديم علي العريض استقالة حكومته رسمياً بعد أن يكون خليفته المهدي جمعة قد أنهى تشكيل حكومته التي سيتولى تقديمها إلى المجلس التأسيسي قصد تزكيتها.