لقد انتهت مهلة التصحيح التي تم تمديدها قبل عدة أشهر، وقبلها كنا نسمع ونشاهد كثرة الأخطاء في تنفيذ مشروعات الإنشاءات الكبرى والصغيرة بما فيها الطرق والسفلتة والجسور والأنفاق ومشروعات الصرف الصحي والكهرباء والاتصالات، وما يحدث من سوء في التنفيذ وتأخر في الإنجاز والمتضرر في النهاية وطني وابن وطني الغاليين علينا جميعا.
الكثير منا كان يشاهد ما تنشره صفحات الصحف والمجلات من مبان تحت الإنشاء وحتى المساجد تسقط قبل اكتمال هيكلها، ومساكن لم يمض على بنائها عام واحد تظهر فيها عيوب التشطيبات من كهرباء وسباكة ودهانات وبلاط، حتى مشروعات وزارة الإسكان لم تسلم من الأخطاء.
إذاً المشكلة ليست على نطاق ضيق بل منتشرة وفي معظم القطاعات والمشروعات العامة والخاصة، والسبب الأساسي هو في الحقيقة سببان، الأول نوعية المقاولين غير المؤهلين فمعظم المشروعات تذهب من الشركات الكبرى التي تحصل على العقود إلى مقاولي الباطن الأقل سعرا وأكثر ضعفا في مستوى الجودة واستخدامهم مهندسين غير مؤهلين أو بشهادات مزورة وعمالة رديئة.
والثاني، أن العمالة المستخدمة في البناء غير مؤهلة أو مدربة وتعلموا المهنة في بلادنا من المشروعات وغالبيتهم من مخالفي نظام الإقامة والعمل أو الهاربين من كفلائهم، بهدف الحصول على رواتب أفضل وتحولوا إلى مهنة البناء لازدهارها خلال السنوات الماضية وكبرى شركات المقاولات كانت تستقطبهم وتغريهم برواتب أفضل إلى أن صدر قرار تصحيح الأوضاع.
ان هذا المشهد كان يتكرر منذ عقود مع بداية النهضة العمرانية وقروض صندوق التنمية العقاري وفي النصف الثاني من التسعينات الهجرية، حيث كان معظم العمالة من الجالية العربية المعروفة للجميع ولم يكونوا مهرة بل كانوا يتعلمون على أرضنا وفي كل المجالات وكانت الأخطاء شائعة ومتكررة بسبب عدم التأهيل العلمي والعملي. واستمر الوضع حتى النصف الثاني من الثمانينات الميلادية، وبعد الطفرة تغيرت الأمور وقامت بعض مؤسسات المقاولات باستقدام عمالة من الهند وتايلاند وتركيا وكانت بحق هي أفضل عمالة أنجزت لمهارتها وانضباطها، ومن عايش تلك الفترة يعرف ما أتحدث عنه.
إذاً العملية لا تخرج عن ضرورة استقدام النوعية الماهرة من العمالة التي يمكن أن تنفذ المشروعات بجودة عالية، وهذا يتطلب التدقيق في الاختيار وعدم المحاباة لأننا نتحدث عن مشروعات بحاجة إلى تنفيذ دقيق وآمن بعيدا عن العشوائية.
ولكن مع بداية هذا العام الهجري المبارك انتهت المهلة التي منحتها الدولة لتصحيح أوضاع العمالة ولا شك أن ذلك سيؤثر على سوق العمل وسيوجد فجوة ونقص في أعداد العمالة لفترة من الزمن حتى تتمكن الشركات والمقاولين من استقدام البديل. والأمل أن يتم التفريق بين الجادين والمتلاعبين من المقاولين وشركات الإنشاءات لأن الكثير منهم سيتأثر سلبا وتصحيح الوضع يتطلب منحهم العدد الذي يطلبونه من العمالة شريطة مراقبتهم وتطبيق العقوبات على المخالفين.
وأكرر بأن هناك دولاً يمكن استقدام عمالتها الماهرة وبأسعار معقولة ومنها تايلاند ونيبال وفيتنام وكمبوديا إضافة إلى الموجود من العمالة التي يتم استخدامها من عربية وآسيوية، فهل نجد عمالة تتقن جودة العمل؟!.