الرئاسة العامة لرعاية الشباب وفق مسمّاها يفترض أنها وُجدت لخدمة الشباب في المملكة في كافة المجالات الرياضية والاجتماعية والثقافية، ولعظم هذا الدور المأمول منها يطالب البعض بتحويلها إلى وزارة، باعتبار أنّ الشباب يمثلون ثلثي المجتمع بصفة عامة. هذا المفترض وقد حاولت أن أبحث عن إنجازاتها من طرف محايد، خصوصاً وهي لازالت دون موقع إلكتروني معتبر أسوة بباقي الوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية. كجملة اعتراضية؛ أليس غريباً أن تكون المؤسسة المعنية بالشباب الذين يمثلون العصر الرقمي، ويوصمون بأنهم أجيال الديجتال، خدماتها الإلكترونية للجمهور شبه معدومة؟ أليس هذا أول المؤشرات على أننا نتعامل مع جهة لازالت تقليدية تفتقد التطوير الإداري الحديث؟
أول نقطة استخدمها للبحث في هذا الموضوع، هو تعريف الشريحة التي تخدمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وتجاوزاً نقول إنها فئة الطلاب في مؤسسات التعليم بمختلف أنواعه، رغم أنّ هذا مفهوم قاصر لأنّ خدماتها يجب أن تمتد لمن أعمارهم أكبر من ذلك - أي تجاوزوا العشرينات. وفق هذا التعريف للفئة المستهدفة من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب - رغم قصوره - يكون السؤال الأكثر بساطة كم عدد الشباب المنتمين إلى هذه الشريحة قدمت لهم الرئاسة خدماتها؟
لغة الأرقام دائماً هي الدليل على الإنجاز، ومرجعنا الرسمي هنا هو إحصائيات وزارة التخطيط التي تنشرها في دليلها الإحصائي السنوي، وتعتبر مؤشراً مهماً يمكن من خلاله استنباط بعض المؤشرات حول أداء بعض الجهات.
يبلغ عدد طلاب التعليم العام والعالي أكثر من ستة ملايين ونصف المليون، فكم تتوقعون نسبة من تخدمهم الرئاسة العامة لرعاية الشباب من هذا العدد؟ ثمانون في المائة؟ سبعون في المائة؟ خمسون في المائة؟!
الإجابة التي ستصدمكم وهي أيضاً مأخوذة من الكتاب الإحصائي الأخير لوزارة التخطيط هي التالي؛ عدد اللاعبين المسجلين بالاتحادات الرياضية 90505 لاعبين، وعدد الملتحقين بمعسكرات الرئاسة العامة لرعاية الشباب 12097 شاباً فقط. أي أننا نتحدث عن حوالي مائة ألف شاب فقط من أكثر من ستة ملايين شاب وشابة. بمعنى آخر الرئاسة العامة لرعاية الشباب تقدم خدماتها لما هو أقل من واحد ونصف بالمائة من شباب البلاد. وحتى لو استبعدنا العنصر النسائي وقلنا إنّ الرئاسة معنية بالذكور فقط، فإنّ النسبة تكون حوالي ثلاثة بالمائة فقط. وبحساب المستفيدين من خدمات رعاية الشباب خارج إطار الرياضة (غير المنتسبين للاتحادات الرياضية) سنجدهم يمثلون حوالي واحد ونصف في المائة ممن يستفيد من خدماتها. أكتب النسب حتى لا يعتقد أحدهم بوجود خطأ مطبعي في كتابة الأرقام.
بعد هذه الأرقام يأتي السؤال؛ هل فعلاً تستحق الرئاسة العامة لرعاية الشباب التحوُّل إلى وزارة كما يطالب البعض؟ كيف نسميها رعاية الشباب و 99% من خدماتها للرياضيين فقط؟ هل تسبب وجود الرئاسة العام إلى إهمال الأنشطة الشبابية بصفة عامة، حيث أهملت الجهات الأخرى كوزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الاجتماعية بحجة وجود جهة معنية بهذه الفئة؟ ربما هي تستحق الإلغاء وإعادة قطاع الشباب إلى حضن وزارة التربية والتعليم أو الشؤون الاجتماعية...
لاحظوا أنّ اللجنة الأولمبية يفترض أن تكون مستقلة وهي الراعية للاتحادات الرياضية. الاتحادات التي تنسب إنجازاتها للرئاسة العامة لرعاية الشباب، وأعتقد أنها قد تكون المستفيد الأكبر من إلغاء الرئاسة العامة لرعاية الشباب. أو في أحسن التقديرات ربما نكتفي بجعلها هيئة للرياضة، بدلاً من منحها اسماً أكبر من حجمها...