قلل خبير اقتصادي من قدرة لجنة المنازعات المصرفية على أداء مهامها بالشكل الكامل، مرجعاً السبب إلى غياب أدواتها التي تمكنها من الوصول إلى الحقيقة. وقال الدكتور الدكتور سامي النويصر لـ«الجزيرة» إن لجنة المنازعات المصرفية تواجه عدداً من التحديات التفصيلية المهمة، ومنها غياب أدوات اللجنة للتحري والوصول للحقيقة وتسهيل إجراءات التقاضي، موضحاً أنه يجب أن تكون هناك لجاناً استشارية من خبراء وهيئات يستعان بهم، لزيادة الاعتماد على ذوي الخبرة والنظر في مجال المال، حيث إن المعاملات المصرفية تشعبت بالنوع والكمية، وزادت بالتعقيدات، وأيضاً هناك مستجدات إلكترونية وأنظمة عالمية، ومحاربة غسيل الأموال إلى إعرف عميلك، ولإفصاح ونظام التوافق بالأنظمة، والضرائب وغيره.
واستعاد النويصر ظروف نشأة اللجنة قائلاً: تم إنشاء لجنة فض المنازعات المصرفية عام 1407هـ بمرسوم ملكي رقم 729/8 حيث كان الأمر قبل ذلك متروكا للقضاء الشرعي، أو الصلح أو بين البنوك والعملاء، وأتذكر آنذاك أن مجلة التايمز الأمريكية كتبت مقالة أن كثيراً من المدينين مالياً بالمملكة يتحولون إلى متدينين شرعاً عندما يصبح عندهم عسراً مالياً، وذلك بأخذ البنوك المطالبة بحقوقها إلى الجهات الشرعية والامتناع عن الدفع بزعم العامل الربوي.
ونوه النويصر بأنه كان من الطبيعي وجود تحدي كبير للجهات المسؤولة بالمملكة، وعلى أعلى مستوى لتقرر فصل الأمور المصرفية عن باقي المحاكم والأمور التجارية والجنائية وما إلى ذلك، حفاظاً على مكانة وسمعة وقوة الوضع المالي وحقوق الناس. واستطرد قائلاً: منذ ذلك التاريخ ولجنة تسوية المنازعات المصرفية تعمل بكل طاقتها، وقد يكون أكثر من طاقتها، حيث يتم الفصل والحسم في القضايا المصرفية المراد الحكم منها، وتعمل على تحرى الحقائق مستعينة بإدارة الرقابة المصرفية والعمليات التابعة لمؤسسة النقد العربي السعودي، وتبذل جهداً كبيراً وقد يكون كما ذكرنا أكبر من طاقتها وإمكاناتها حيث إن مسماها يشير إلى أنها لجنة وليست محكمة أو ديوان، وهذا المسمى عادة ما يكون محدود الصلاحية والفعالية، والإشكالية الأخرى أنها تسوية المنازعات (وليس الفصل) أيضاً محدودة الإمكانية القضائية أو الإدارية.
ويشير النويصر إلى أنه في العام 2012 صدر المرسوم الملكي بتطويرها أسوة بباقي مرافق القضاء التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ومن ذلك تعديل اسمها من لجنة تسوية المنازعات المصرفية إلى لجنة المنازعات المصرفية حيث إن الاسم الأول يشير إلى حكمها هو عملية تصالح وتحكيم بينما الاسم الثاني يشير إلى عملية تقاضي وفصل وأعم وفي ذلك معنى أكبر وأقوى يحسب لأهميتها القضائية والاقتصادية، كما دعم القرار الملكي نفسه بأن تكون هناك لجنة استئنافية، والحكم ليس مقصوراً على الحكم الأولي للجنة المذكورة، وفي هذا أيضاً قوة أخرى تحسب لها في درجات التقاضي وتعطيها أيضاً القوة القضائية والاقتصادية المطلوبة منها.
وشدد الخبير الاقتصادي على أنه يجب على مؤسسة النقد تقديم دعم أكبر وأكثر للجان الرقابة المصرفية، والعمليات التابعة للمؤسسة بالتدريب والتطوير والكوادر والحوافز، لأهمية هذا المرفق في درء المشاكل المالية مع المصارف والرقابة المصرفية الصارمة على البنوك المطلوبة وتجميع الأدلة للقضايا.
وأضاف: يجب إيجاد تنظيم من النواحي اللوجستية الخاصة، وأن يكون لها فروع لجان بمؤسسة النقد موزعة على مناطق المملكة، داعياً إلى ضرورة تسهيل الوصول لتلك اللجان وإمدادها بالكوادر الحرفية التي تخدم المتصل والمتقاضي، وهو مايعني الحاجة إلى دعم أكبر في جميع النواحي الإدارية والتنظيمية.
واختتم قائلاً: أفضل الطرق لتفادي زيادة الكم الهائل من القضايا المصرفية هو زيادة الوعي والتثقيف لعملاء المصارف، وإعطائهم حقوقهم، ووجود رقابة صارمة على البنوك والعمليات المصرفية، وكما يقال درهم وقاية خير من قنطار علاج.