في مناسبة اليوم العالمي للطفل الذي حل يوم الأربعاء الماضي 20 نوفمبر لم تتردد الكثير من الجهات المحلية والدولية من أن تتفاعل معها، بل تسعى في كل عام إلى تقديم رؤية إنسانية، تحقق أبعاد هذه المناسبة المهمة في حياة الأطفال الذين ينتظرون الكثير من العطاء والبذل، ليواصلوا مسيرة الحياة.
إلا أن ما يلاحظ على هذه المناسبة أنها تأتي متفاوتة في مستوى الحضور، والتواصل، فهي وإن كانت مناسبة احتفائية إلا أنها تعد لفتة مهمة للكبار لكي يتدبروا معنى أن يكون هناك يوم للطفل، يطالبنا فيه بالعطاء والتواصل، وأن لا يكون هذا اليوم مجرد “حفلة” وكم هائل من الوعود التي تزعم رعاية إبداعه وإنتاجه المعنوي وعلاقاته بأسرته والعالم من حوله.
لم يكن هناك جديد في احتفالات هذا العام فيما يتعلق بالطفل وإن بدأ من يسعى بدأب إلى أن يعد العدة لهذا اليوم استشعار للدور الإنساني والأخلاقي الذي تحتمه الحالة المعرفية والمعنوية رغم ضمور أو ضعف العلاقة بين المنجز المعرفي بوجه عام وبين الطفل باعتباره هو الجهة المستهدفة، والتي تحتم عليه الاستعداد و أخذ زمام المبادرة في بناء هذه العلاقة الضرورية والملحة.
ما يلاحظ على هذا اليوم الاحتفائي (مساء الأربعاء 20 نوفمبر من كل عام) أو قبله بيوم أو بعده بآخر أنه يحمل فيض آمال، ووعود عريضة، وطلبات كثيرة من أجل أن تحقق رسالة المجتمع للطفل ركائز ثلاث هي: (الصحة، والغذاء، والتعليم) إذ لا بد أن تكون هذه العناصر أو الركائز حاضرة في ذهن الكبار في الأسرة والمجتمع وأصحاب القرار.. فلا يمكن لنا أن نقدم للطفل أفلاما ورسومات واستوديوهات وعروضا فنية ترفيهية وهو لم يحقق الحد المرجو من هذا المنظومات الثلاث.
فلا يعقل ـ وهذا على مستوى العالم من حولنا ـ أن تقدم عروضا ترفيهية للأطفال في بعض بلاد الجنوب الغربي لأفريقيا ـ على سبيل المثال ـ وهم يتضورون جوعا، أو لا يعرفون من التعليم إلا النزر اليسير. ناهيك عن غياب الصحة وهو الأساس في هذه العلاقة الإنسانية الحيوية، والأمر يقاس على كثير من المشاهد التي نطالعها في صور متعددة وزوايا مختلفة تؤكد على أن الطفل بحاجة إلى جهد أكبر، وموارد أكثر من أجل أن يحقق ذاته وبعض أحلامه.
فمع تعدد الجهات التي ترعى شأن الطفل، وقلة إمكاناتها، وعدم توفر الدعم الكافي يظل هذا اليوم العالمي مجرد شعار بعيد المنال، يسعى الجميع إلى التفاعل معه كل حسب قدرته وجهده ووضعه في تفاصيل هذه العلاقة، إذ إن هناك من يعجز عن رعاية حقوق الكبار من أجل توفير متطلبات ملحة كالغذاء المناسب والماء النقي لأسرته .. فكيف برعاية هؤلاء الصغار؟!
فمن باب أولى أن يكون هذا اليوم العالمي يوم راحة وإجازة واحتفاء بما تم إنجازه للطفل، فيما يتطلب أن تكون أيام العام جميعها نشاط ومثابرة، ونجاح خلف نجاح في مشروع الطفل، لكي لا يكون هذا اليوم مجرد صحوة عابرة، تهب فيها بعض الجهات والأسر إلى هذه المناسبة في عرض عابر ومحدود، ولا يلزم أي جهة أي تكاليف حتى في برنامج هذا الحفل في هذا اليوم الوحيد الذي يبحث له على مدى عام عن ممول من القطاع الخاص!!