* الخاطر مثقل بشؤون هذا الزمان وشجونه، وخير وسيلة لتخفيف هذا العبء هو الحديث عن بعض الشجون حديثًا يخرجها من (زنزانة) الذات إلى واحة البوح تلمّسًا للعزاء في أفئدة الآخرين!
(1)
* حديث التطوير والتجديد في الخطاب الإسلامي مسألة تلوِّثها
(ضبابية الفهم) في بعض الأذهان أحيانًا، حين يُؤَوّل هذا الحديث بأنّه في عمومياته (دعوة) ظاهرة أو مستترة ضد الدين الحنيف. وفي هذا (مخالفة) للظن السليم، الله وحده أعلم بما في الصدور، وبالتالي، فإنَّ (محاكمة) هذا الخطاب استنادًا إلى الظنِّ.. والظنُّ وحده، أمرٌ لا يأتي بالفائدة!
* * *
* التطوير أو التجديد في الخطاب الديني، من وجهة نظري المتواضعة، يعني إزالة فتنة (الصدام) في الذهن المعاصر، وخصوصًا لدى الجيل الشاب، بين ثوابت العقيدة السمحة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وبين مخرجات هذا العصر، وما دمنا نؤمن إيمانًا ثابتًا بأن ديننا الحنيف صالح لكلِّ زمان ومكان، وهو أمرٌ لا ريب فيه، فإننا مطالبون بأن نتعامل مع مخرجات هذا العصر بعلم وحصافة وحكمة، فندع جانبًا ما يتعارض تعارضًا صريحًا مع ثوابتنا الدينية، المؤصلة كتابًا وسنةً وإجماعًا، وما عدا ذلك نأخذ النافع منه بما يَتَّفق مع لوازم حياتنا وأخلاقنا، وضرورات بناء بلادنا!
* * *
(2)
* أحمد الله أن حياتي لا تشكو من التصحّر العاطفي، رغم موانئ الظمأ التي رسوتُ فيها عبر مشوار الطفولة، وأحمد الله ثانيًّا أن الحرمان من (دفء) القرب للوالدين لم يصادر مني القدرة على حب الناس، بما يرضي الله.
* * *
* وفي هذا السياق، أزعم أن الحب عندي ليس (العروة) التي تربط الرجل بالمرأة، زوجًا وزوجة فحسب، رغم ضرورته الفعلية لنجاح (التوأمة) العاطفية بينهما، لكن الحب الذي أعنيه هو شعور المرء بأنّه ليس (جزيرة) وسط محيط من الظلمات، لكنه (نخلة) عملاقة ومثمرة في واحة من العطاء وبين أناس يحبهم ويحبونه بما لا يغضب الله.
* أما أن كان الأمر هنا يعني (النبضات) الشعورية العابرة التي يمر بها المرء منَّا في بعض محطات العمر، مما يسمّى (حبًا)، فتلك فترات تشبه (شمس الأصيل) لا تلبث أن تأوي إلى المغيب!
* * *
(3)
* لي صديق.. يجمعني به غير الود، شيءٌ آخر، هو الحب لفاتنة مدائن الدنيا (باريس)، وخصوصًا في شهر سبتمبر، كتب لي مرة هذا الصديق يمتدح كلمة كتبتها عن تلك المدينة، فأجبته برسالة طويلة، اقتطف منها ما يلي:
* أنا مثلك أعشق باريسَ في كلِّ الفصول.. والعشق كلٌّ لا يتجزأ، لكن لباريس في سبتمبر وحدَه.. لونًا وطعمًا ورائحةً تتميز فيه جمالاً وسحرًا عن كل الفصول! لا تسلني: لماذا؟ فأنا مثلك لا أدري!
* وبالرغم من ذلك (سأتطوع) برد قد يشفي جزءًا من غليل السائل والمجيب فأقول: إنني أكره رحيلَ المطر.. وهجرةَ الأحبّة! لكن في سبتمبر يعود الأحبّة إلى باريس.. أو هي تعودُ إليهم من جديد، وتُزَفّ إليها عناقيد المطر.. لتغتسل به أشجارها وأزهارها وميادينها، من أوضَار الصيف.. وتغدُو سماؤُها لوحةً أخّاذةً تتعانقُ فيها لآلئ المطر مع ابتسامة الشمس.. وغلالاتِ السُّحب!
* * *
(4)
* الحياة صراط يربط الميلاد بالمعاد، وما بين هذا وذاك.. باقة من الإيمان بالله والعمل بما يرضيه، ثمَّ الحب والحظ والاجتهاد والتفاؤل والتسامح وفعل الخير، وتجنب ضده من سوء الظنّ في القول أو العمل! فمن كان هذا سبيله، ظفر بسعادةِ الدنيا، ووعدِ الآخرة بالجنَّة إن شاء الله!
* * *
(5)
* الموتُ حقٌّ.. لا ينكرُه سوى (ميتِ قلب) إيمانًا وعقلاً ووجدانًا! والوقوف بين يدي الميت (صحوةٌ) للحيّ من (موت) الضمير والإحساس والوجدان!
* وبعبارة أدق:
* الموت (حياة) لا (تموت)!
* وهو بطاقة سفر.. في اتجاه واحد.. بلا إياب!
* وهو.. قاعدة (مطلقة) لا استثناء منها!
* وهو (موعد) لا تعجيل له ولا تأجيل إلا بإذن رب العالمين!