ما من شك في أن أجدادنا خلفوا لنا موروثاً بعدهم يجب المحافظة عليه إذا كان يوافق الشرع وروح العصر ويبني المستقبل، إنه ان كان بهذه المثابة فهو موروث يجب المحافظة عليه، أما إن كان هذا الموروث لا يتفق مع الشرع ولا يبني مستقبلاً فهو بمثابة ثقافة فاسدة تستحق الإبادة. فقد عاب القرآن الكريم على أصحاب هذا المنهج وتمسكهم بإرث آبائهم فقال سبحانه {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}.
بل أرشد الله رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام إلى التمسك بالوحي وعدم الالتفات إلى ميراث الآباء والأجداد فقال سبحانه {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.
وقال سبحانه {فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـؤُلاء مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ}.
إذن ليس كل مورث للآباء والأجداد نتمسك به بل ان هناك إرثاً وموروثات يجب دفنها للأبد وان استطعنا ان لاتخرج فلنفعل.
لقد ذكر الله للناس من أحوال الامم السابقة والجاهلية الأولى ما كانوا يفعلون من أعمال شنيعة في قانونهم المدني والاقتصادي والسياسي تشنيعا بهم ودعوة لاعمال النظر فيما من الله به على الأمة من بعثة نبيه عليه الصلاة والسلام الذي يخرجهم من الظلمات إلى النور.
لم يذكر أحوال السابقين لأجل ان تحفظ وتربط بها الأجيال بل لأجل ان يعي الجيل القادم ويقدر نعمة الإسلام بعد ان عرف الجاهلية.
أخيراً هناك موروثات جميلة عليها جلال الإسلام وبهاء الإحسان تتقلب في نعيم مكارم الأخلاق فهذه حري بأن تربط الأجيال بها وجوبا ولا نتركهم للثقافات الواردة التي قد تكون اشد خطرا من موروثات من سبق من الآباء والأجداد.
وهي منبوذة مرفوضة ان الجيل المعاصر يجب ان يعرف ما هي الموروثات والهوية الثقافية للأجداد وكذلك الثقافات الأخرى البائدة والسائدة.
وان يعنى المفكرون والمهتمون بهذا الحانب ايما عناية بتصحيح افكار الجيل تجاهها.
فقد انتشرت مظاهر يؤمن أهلها بأنها من موروث الأجيال ويؤمن أهل العلم وأولي النهى ان رمسها وطمسها هو التحضر والهوية التي نسعى للتمسك بها.