أجواء ممطرة - حالمة - على عاصمة الوطن الحبيب الرياض في فصل - الوسم -، تستدعي الحديث عن الصلة الوثيقة على مر التاريخ الذي يحمل بين طيَّات ذكرياته تراجيدية الحزن آناً، والنشوة والتجلي والبهجة آناً آخر في هذا الشأن، من ذلك مقتل الشاعر المنخَّل اليشكري - في اليوم المطير - (20ق.هـ/ .. نحو 603م) هو المنخل بن مسعود بن عامر. أشهر شعره رائيته التي قالها في “هند” بنت عمرو بن هند وقد سبَّبت مقتله، إذ لمّا عرف أبوها بأمره قَتَله. وضربت العرب به المثل في الغائب الذي لا يُرجَّى إيابه، فقيال: “لا أفعله حتّى يَؤوب المنخَّل”:
ولقد دَخَلتُ على الفتاةِ
الخِدْرَ في (اليَومِ المَطِيْرِ)
الكاعِبِ الحَسْناءِ تَرْفُلُ
في الدِّمقْسِ وفي الحَريرِ
فدَفَعتُها فتَدافَعَتْ
مَشْيِ القَطاةِ إلى الغَدِيْرِ
كما أن أرق وأعذب وأدق وصف في الغزل -من أغراض الشعر - تضمَّن - تحديداً - ما له صِلَة بالمطر (البَرَد: حبوب الثلج) وهو ليزيد بن معاوية (645/ 45هـ - 683م/64هـ) وهو ثاني خلفاء الدولة الأموية، عاش في جو رفاهية وترف، فانعكس ذلك في شعره الذي يعجْ بالصور والتشبيهات والاستعارات التي عُني بها البلاغيون استشهاداً وتحليلاً:
وامْطَرتْ لُؤلُوا مِنْ نَرْجِسٍ، وسَقَتْ
وَرْدًا، وعَضَّتْ على العُنَّابِ بالْبَرَدِ
ولأن الشعر - وثيق الصلة بالمطر - في جانب علم المعاني والبيان والبديع فقد امتد ذلك وبتميز للشعر الشعبي وهو صنو الفصيح -بعلاقة بلاغية - كما يتمثل ذلك بقول الأمير الشاعر خالد الفيصل:
يوم روّح لي نظر عينه بهون
فزّ له قلبي وصفق وارتعد
لفّني مثل السحايب والمزون
في عيوني برق وبقلبي رعد
ويقول الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن:
قلت المطر قالت من اليوم ديمه
لا به رعد لا برق ما غير هنَّان
ويقول الأمير الشاعر محمد بن أحمد السديري -رحمه الله-:
يسقيك يالطّايف من الوسم رعّاد
وبلٍ على وبلٍ يعلّك ويرويك
في كل فجٍ لك مع المزن ميعاد
تسيل وديانك وتخضر مفاليك
وقفة للشيخ راكان بن حثلين - رحمه الله -:
يَثْلُون برّاقٍ سرى له اشتعالي
تصبح قنوفه عقب وبله مزابير