ترى أجهزة الاستخبارات الأمريكية أن التهديد المحتمل المقبل من روسيا ربَّما لا يأتي من هجوم إلكتروني فتاك أو أسرار استخلصت من ملفات متعاقد وكالة الأمن القومي السابق إدوارد سنودن الموجود حاليًّا في موسكو، وفقًا لتقرير إخباري أمس الأحد.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في عددها أمس الأحد أن هذا الخطر ربَّما يأتي بدلاً من ذلك من هوائي على قمة قبة يبدو بسيطًا على قمة مبنى يعج بالأجهزة الإلكترونية ومحاط بسياج أمني في مكان ما بالولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن عدَّة مسؤولين أمريكيين قولهم: إنّه في الشهور الأخيرة، شنت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) سرًا حملة لمنع وزارة الخارجيَّة من السماح لوكالة الفضاء الروسية «روسكوسموس» من بناء نحو ستة مبانٍ من هذا النوع، والمعروفة بأنها محطات مراقبة، على الأراضي الأمريكية.
ويخشى البنتاجون وسي أيّ إيه أن تساعد هذه المباني روسيا في التجسس على الولايات المتحدة وتحسين دقة الأسلحة الروسية، وفقًا للمسؤولين.
وستحسن محطات المراقبة هذه، ذات المحتويات الروسية، بصورة كبيرة من دقة واعتمادية نسخة موسكو من نظام التموضع العالمي (جي بي إس)، وهو شبكة الأقمار الاصطناعية الأمريكية التي توجه الصواريخ لأهدافها ومستخدمي الهواتف الذكية لأقرب المقاهي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز سابق في إدارة الفضاء والتكنولوجيا المتقدِّمة بوزارة الخارجيَّة قوله: «إنهَّم لا يريدون الاعتماد على النظام الأمريكي ويعتقدون أن أنظمتهم، مثل جي بي إس، ستولد صناعات وتطبيقات أخرى... يشعرون أنهَّم يفقدون تفوقًا تكنولوجيًا علينا في سوق مهم. انظر إلى أي شيء تجد جي بي إس له استخدام فيها مثل هاتفك وحركة الطائرات والسفن».
وأشارت الصحيفة إلى أن الجهد الروسي هو جزءٌ من سباق عالمي أكثر اتِّساعًا لعدد من الدول - بينها دول من الاتحاد الأوروبي - لتحسين أنظمة التموضع العالميَّة الخاصَّة بهم وتحدي هيمنة نظام التموضع العالمي الأمريكي.
وبالنسبة لوزارة الخارجيَّة الأمريكية، فإنَّ السماح لروسيا ببناء المحطات سيساعد في إصلاح علاقات إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع حكومة الرئيس الروسي فلادمير بوتين، والتي يرثى لها حاليًّا بسبب منح موسكو حق اللجوء لسنودن ودعمها للرئيس السوري بشار الأسد. إلا أن «سي آي إيه» ووكالات تجسس أمريكيَّة أخرى، والبنتاجون أيضًا، تشتبه أن محطات المراقبة ستعطي للروس موطئ قدم في الأراضي الأمريكية والذي من شأنه أن يزيد بصورة كبيرة من دقة الأسلحة الروسية التي يتم توجيهها عبر الأقمار الصناعيَّة.
وتعتقد تلك الهيئات أن المحطات ستعطي للروسي منفذًا للتجسس على الولايات المتحدة من داخل أراضيها.
وقال مسؤولون في وزارة الخارجيَّة الأمريكية والبيت الأبيض: إن هذا الشجار خطير بدرجة كافية دفعت مسؤولي الإدارة الأمريكية يؤجلون اتِّخاذ قرار نهائي إلى أن يقدم الروس مزيدًا من المعلومات وإلى أن تحل الوكالات الأمريكية خلافاتها.