هل نحن أمة جادة؟ التفت حولك فستصدمك مشاهد شتى توحي بأننا نلهو في وقت أشد ما نكون فيه إلى الجد. فضائياتنا ترقص، وحفلات الغناء تتوالد كالفطر، أغنياؤنا ينفقون 6 مليارات دولار سنويًا للتنزه والسياحة، بل إن حفلاً غنائيًا واحدًا تكلف 30 مليون دولار. لا ندري لم يرقص هؤلاء ويغنون؟ هل يبحثون عن الراحة!؟ لا أقصد بالطبع تكدير عيش الناس وحبسهم في دورهم، ولكن ألفت الانتباه إلى حقائق غائبة عن هذا المشهد العبثي، فنحن ننتج 10.5 % مما ينتجه العالم فيما تنتج أمريكا - التي تساوينا في تعداد السكان - 20 % من إنتاج العالم، بل إن الأربعة ملايين يهودي الذي يغتصبون فلسطين ينتجون أكثر مما ينتج 100 مليون عربي! وينتج 20 ألف عامل في إحدى الشركات اليابانية أكثر مما تنتجه دول عربية يربو سكانها على 20 مليون نسمة! ورغم ذلك فإن من يطالع إعلامنا يجزم بأننا أكثر أمم العالم عملاً وإنجازًا، فالاحتفالات تدشن والأغاني تصدح والخطب تنمق حول منجزاتنا فيما يعيش نصف سكان الأمة تحت خط الفقر، وتنتشر المجاعات في أنحاء متفرقة منها.
إننا أحوج ما نكون إلى المصارحة والمكاشفة - حتى ولو كانت مرّة- لنقف على حقيقة أوضاعنا وأوجاعنا وندرك ما يواجهنا من تحديات، وما ينتظرنا من جهد جهيد، فالأمم تبنى بالعرق وتحمى بالدم، وإيهام الأمة بأنها أحسن حالاً وأفضل مستقبلاً تزييف للوعي وتخدير للهم فلو قال الواحد منا: لكل شيء في بيته وعمله - بل وعلى جسمه - اذهب حيث جئت لوقف عاريًا! أفلا يستحق منا ذلك وقفة وتأملا وصيحة وتحذيرا.
أعداؤنا ينظرون إلينا كفضاء مستباح يختلفون ويتفقون على تقاسمه ونحن نجبن عن مجرد الاعتراض على خرائط التقسيم، ناهيك عن مقاومتها، أبمثل هذا نؤدي الأمانة ونحمي بيضة الدين!؟