استيقظ ذلك الشاب صباحاً وغصة تضيق مجرى الهواء في حلقه يتساءل في نفسه ماذا بي... أظنني نمت البارحة وأنا سعيد؟!! أو هكذا أظن!!! مر وقت طويل لم ينغص شيء علي نومي هكذا...
هدوء تام لا ضجيج ولا صجيج ولا حتى شخير... الأطفال سعداء وبخير.. وزوجتي تهتم بأمور البيت كعادتها وتعمل بحب وحنان لأجلنا...
ما بالي إذن حزين. تعيس. كئيب. دموع تغرغر عيني. ما هذه الغصة المزعجة التي تضايقني!! ما الذي قلب كياني هكذا!! كنت بخير بالأمس..
بينما هو مستلق اختلى بنفسه بعيدا عمن حوله ذهب إلى عالم آخر، فكر وفكر وفكر أخذه السرحان إلى ما وراء التفكير, مسرحا ببصره في الفضاء يتأمل جدار غرفته دون تركيز وإدراك تام منه. بعد عناء في التفكير إذا به يتذكر انه نام بالأمس وهو يفكر وقلق على مستقبل الأطفال لان زميل له توفي ولديه من الأبناء صغار في السن...
لكل منا ظروفه الخاصة التي تعكر صفو حياته وتجعلها يقف عليها مرارا وتكررا يتأملها ويحللها ويستنبط منها أشياء لم تكن في حسبانه أبدا... يفقد من خلالها السيطرة على مشاعره وأحاسيسه لا يتحكم بما يفعل ولا يعجبه التغيير الحاصل في حياته لكنه لا يستطيع وحده فعل شيء تجاه الكم الهائل من الأحاسيس والمشاعر المعقدة التي تتحرك بداخله, يعي ويفهم القليل القليل منها...
مواقف الحياة التي خلق فيه الإنسان بكبد, أفكار متداخلة نتيجة لهذه المواقف الحياتية يتبعها وينتج عنها أحاسيس ومشاعر مختلطة تضع الشخص في حيرة من أمره لا يعرف ما به أو ماذا يدور حوله أو بماذا يفكر لا يعرف غير انه يعاني بصمت متعب صمت اختاره بنفسه بالإكراه جعله صمته في قلق دائم خوف من المستقبل المجهول نوبات غضب فقدان للثقة انطواء وانعزال عدم الرغبة في مشاركة الآخرين مناسباتهم الاجتماعية خمول وكسل انعدام للدافعية فقدان للشهية...
نتناسى دائماً ان هناك من هو موجود في حياتنا لخدمتنا ومساعدتنا والوقوف بجانبنا نسينا قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) هذه الآية التي ابتدأت بها كتب الاختصاص في المجال النفسي “علم النفس” نعم كل ما نشعر به وما نتألم ونشكو منه ولم نجد له حلا بإمكاننا تغييره والخلاص ومنه وفقا لعلم لدراسات لمنهج لخطط علاجية مدروسة منذ وقت طويل لجهود أناس أرادوا ان يساعدوا من حولهم فليس من العيب أو الخطأ اللجوء إلى العيادة النفسية لطلب المساعدة من ذوي الاختصاص من أناس مؤهلين علميا وعمليا، فما أنزل الله من داء إلا وله دواء ما نشعر من مشاعر سلبية نتيجة لمواقف مررنا بها في حياتنا اليومية أمر طبيعي لكن غير الطبيعي استمرار هذه المشاعر والأفكار المزعجة لوقت أطول من الطبيعي... حيث إن لاستمرارها أثرا على حياتنا الشخصية والاجتماعية والمهنية ومن هنا نضع علامات الاستفهام والتعجب ونطلب المساعدة من الشخص المختص.