“1”
(ولدي لم تولد كغيرك من الأطفال بل ولدت مخنوقا جاحظ العينين أزرق اللون، وكفاك مبسوطتان. وهنا على عنقك التف الحبل السري. لم تصرخ كغيرك من الأطفال، ولم تزغرد النساء. لففت بثياب رأيتها لأول مرة. بلا حساب وزع رجال الحي نظراتهم وبين أصابعهم درجوا لفائف التبغ.
أوسعك الأطفال شتما... مولود بلا حلوى..
شيخ القبيلة انتقى اسمك من أغرب الأسماء ويقرأ حسب المزاج.
اختلفوا حولك... قالوا عنك أصم... قالوا عنك أبكم.. قالوا إنك مفقوء العينين.
قالوا ستموت غداً ولا داعي لتسجيل اسمك في دفتر العائلة.
ولا وألف لا لدفنك في مقبرة القبيلة.
وإذا بقيت حياً ستحرم من الميراث.
وفي النهاية اتفقوا وبالدم بصموا ليكون دمك مهدوراً يا ولدي في كل الحالات.
“2”
زينة
في البداية خطب ودها... عقد العزم بهدوء...
ظهرت له بأبهى صورها حتى فقد صوابه...
قال لها أريدك خطيبة... زوجة... أختاً.
أجابته على الملأ وقطعت على نفسها العهد...
شد الوثاق ثم شد أكثر...
داعب ضفائرها... داعب ضفيرة وترك ضفيرة... قدمت له قرص الشمس هدية عند البزوغ... تفيأ ظلها عند الهجير...
شد الوثاق... تمدد جانبها، واحتسى مع البحر كأس الغروب.
مع حلول الظلام، أنارت بأصابعها أزقة المدينة...
أسدل عليها أثواب نقمته... ربط ضفائرها بأرجل سريره.
استمرت في همها الأول: نظافة أنيابه، والحديث عن الأحلام الوردية. تلمع حذاؤه وتقرأ كتباً منتقاة بعناية.
يغط في نومه ثملاً ليجمع أرقه ثم ينشره في كل مكان ويشد الوثاق أكثر... تردد عبارتها المشهورة: دمت يا سيدي... دمت يا سيدي!!!!