عندما تستمع إلى شاعر مبدع ملفت مدهش يأخذ بمجامع قلبك ويبهرك في فكره وسبكه وقدرته على تطويع المفردة والقافية والمعنى والصورة لخدمة خدف قصيدته فتأكد أنه لو لم يكن موهوباً لما تمكن من ذلك ولكن الموهبة لوحدها لا تكفي لإنتاج مبدع يتصف بما سلف من الصفات.
فالموهبة شيء أساسي في كل فن ولكن التدريب والممارسة والبحث عن مواطن الإبداع في فن السابقين للموهوب وعدم الاكتفاء ببلوغها بل التفوق عليها وانتقاء الموارد الثقافية التي ينهل منها المبتدئ لها الدور الكبير في جعله أكثر دقة في اختيار ما يناسب ووضع كل كلمة في موضعها الصحيح.
ومن أكبر مصادر صقل الموهبة المجالسة لأهل الشعر من الشعراء المبدعين والرواة الأمينين والمتمكنين من روايتهم ومن صفاء ما يحفظون وبعدهم عن الهجين والرديء من الشعر الخالي من الإدهاش والإبهار والساقط من القول وإنني في الغالب الأعم حين أرى موهباً من الشعراء أكاد أجزم أنه قد جالس أو يجالس من هم أكثر منه علماً وغزارة في الشعر وينطبق ذلك على الشعراء الذين تحفل مجالس آبائهم بالشعر الجيد والشعراء والرواة المبهرين.