لليوم السابع على التوالي، مازالت أحياء مكة المكرمة وشوارعها وطرقها تعاني من تكدس النفايات، بشكل بات يقلق زائري العاصمة المقدسة وقاطنيها خشية انتشار الأوبئة والأمراض، فيما لم تتحرك الجهات المعنية حتى الآن لاتخاذ الحلول والتدابير اللازمة لمنع استمرار «الكارثة» كما يصفها الأهالي هناك.
ودفعت الحالة التي وصلت إليها أحياء مكة المكرمة بعض سكانها إلى العمل في تنظيف أحيائهم بأنفسهم في محاولة لسد غياب عمال النظافة، إذ عمد الأهالي إلى إزالة المخلفات من أمام منازلهم ومن على الأرصفة والشوارع.
«الجزيرة» رصدت في جولة لها أمس تكدس كميات كبيرة من النفايات في معظم أحياء مكة المكرمة، وغياب تام لعمال النظافة، الذين لم تتمكن أمانة العاصمة المقدسة من إقناعهم للعودة للعمل، بعد رفضهم ذلك، حتى يتم تجديد إقاماتهم بطريقة نظامية.
وفيما يبدو أن المشكلة أخذت أبعاداً أخرى، كما يصفها أهالي مكة المكرمة، ولم تتحرك الأمانة لاتخاذ حلول عاجلة، تجنب سكان تلك الأحياء من الأضرار المحتملة.
وأبدى كل من محمد إبراهيم وإسماعيل أبو أخضر وعبدالإله الحربي، من سكان مكة المكرمة، استغرابهم من عدم تحرك الجهات المعنية وعلى رأسهم أمانة العاصمة المقدسة، مشيرين إلى أن هذه المشكلة ليست الأولى، إذ توقف عمال النظافة في شهر رجب من العام الماضي، فلماذا لا تعمل الأمانة على إيجاد حل جذري لهذه المشكلة، وطالبوا بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث مضاعفات جراء تكدس النفايات بهذه الطريقة التي تنبئ بخطر محتمل.
فيما دعا عدد من المواطنين إلى ضرورة محاسبة الجهة المتسببة في هذا الوضع المتفاقم. إذ أشار أحمد العمري، إلى أن الأمانة لم تكترث بهذه المشكلة من البداية ولم تعط لها اهتماماً يذكر، مطالباً إمارة منطقة مكة المكرمة إلى التدخل الفوري وإيجاد الحلول العاجلة.
هذا، ومازالت أمانة العاصمة المقدسة تجري مفاوضات مع العمالة التي رفضت العمل، والبالغ عددهم نحو 5600 عامل يتبعون لإحدى الشركات الوطنية العاملة في مجال النظافة، إذ توقف عمالها عن العمل لمدة ثلاثة أيام متوالية في شهر رجب من العام الماضي.
من جهة أخرى علمت «الجزيرة» من مصادرها أن جمعية حقوق الإنسان وقفت أمس على عدد من الأحياء المتضررة في محاولة لتدارك الوضع البيئي الخطير، إذ أعد تقرير ميداني أعده أعضاء فرع الجمعية، تمهيداً لرفعه للجهات المعنية لاتخاذ الحلول العاجلة، إذ تضمن التقرير الوضع البيئي الخطير والأضرار المحتمل حدوثها جراء هذا الأهمال، إذ طالبت الجمعية في تقريرها ضرورة إيجاد حلول عاجلة وسريعة لتدارك الوضع القائم.
من جهته طمأن مدير إدارة النظافة في أمانة العاصمة المقدسة المهندس محمد المورقي، المواطنين مشيراً إلى أن المشكلة في طريقها إلى الحل، بعد إيجاد حلول عاجلة مع العمال الذين توقفوا عن العمل، إذ تم تجديد إقامات مجموعة منهم، فيما سيتم استكمال تجديد إقامات بقية العمال. مشيراً إلى أنه تم الاستعانة، بـ 600 عامل نظافة من إحدى الشركات لحل مؤقت للمشكلة.
هذا، وأعلنت الشركة المشغلة عن تقديم مائة ريال لكل عامل، كنوع من المكافأة، ولكن لم تجد نفعاً في حل المشكلة.
من جهته أشار مدير مركز الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة الإسلامية بجامعة أم القرى وعضو جمعية حقوق الإنسان في مكة المكرمة الدكتور محمد السهلي، إلى أن الذي يحدث في مكة المكرمة هذه الأيام من تراكم للنفايات في الكثير من الأحياء السكنية ينذر بوقوع كارثة بيئية, وذلك لوجود النفايات المتكدسة على مرأى ومسمع مسئولي الجهات ذات الاختصاص, مبيناً أن الجمعية تشارك المجتمع المكي همومه وتسعى لحل مشكلاته.
وأوضح الدكتور السهلي أن الجمعية تختص بهذا الشأن فقد وقفت العام الماضي على وضع عمال النظافة ورصدت تدني رواتبهم وعدم تسليمهم الرواتب في الوقت المحدد. كما حذرت الجمعية العام الماضي بأن هذا الأمر يترتب عليه تبعات سلبية، وهذا ما نعيشه هذه الأيام من امتناع العمال عن العمل وتراكم النفايات في الأحياء السكنية.