تُعدُّ البنوك في المملكة العربيَّة السعوديَّة حجر الزاوية في الاقتصاد السعودي، فرؤوس أموال بعضها يتجاوز العشرة مليارات اللَّهمَّ لا حسد، وأرباح بعضها مليارية أيْضًا اللَّهمَّ لا حسد، لكن في المقابل ماذا قدَّمت هذه البنوك من كعكعة أرباحها للمواطن العادي الذي قد لا يملك ما يحسد عليه إلا راتبه الشخصي، الذي يتم ايداعه آليًّا في البنوك!
في الحقِّيقة ومن واقع متابعة لما تقدِّمه البنوك من مساهمات خجولة مخجلة لا تخرج عن تجهيز معامل حاسب آلي مثلاً أو دعم دورات، كيف تبدأ كمواطن بمشروع صغير (دون أن تموله أحد البنوك!) أو حين تقدم تمويلاً لا يسمن ولا يغني من جوع وبفوائد!
دعونا نبتعد قليلاً عمَّا يلزم أن تقدِّمه البنوك من واجبات كمسؤولية اجتماعيَّة على الأقل ونتجه قليلاً نحو علاقة البنك بعملائه وفي رواية أخرى (ضحاياه)، ففي الغالب يكون البنك دائمًا الطرف الأقوى ويضمن حقه دائمًا في القروض وبطاقات الائتمان بل وحتى في استحصال رسوم على خدمات هو ملزم بأن يقدمها مجانًا وليس كما تفعل بعض البنوك وتستقطع رسومًا مبالغًا بها لإصدار بطاقة الصراف الآلي التي هي حقٌ أصيلٌ لعميل البنك مقابل إيداع ماله في خزانته المتخمة، والأدهى وأمر أننا البلد الوحيد الذي لا يجرؤ كثير من العملاء على طلب فوائد من البنك بحكم محاذير الدين قبل العُرف، بالرغم من أن الفوائد برمتها يلتهمها البنك بكلِّ برود، ثمَّ يردّد أنّه يتخذ المصرفية الشرعية منهجًا وخطاباته ممهورة بتشكيلة من تواقيع اللجنة الشرعية!
ما علينا ونعود للنقطة الأهم وهي: هل العلاقة بين العميل والبنك علاقة إذعان أم تراضٍ؟ هل العدل في الواجبات والحقوق متحقق أم تميل كفَّة البنك على العميل؟ هل النسبة المئوية (المركبة) يتم ايضاحها للعميل بكلِّ شفافية أم يفاجئ البنك عميله بأن في العقد نسبة الفائدة على سبيل المثال 5 في المئة بينما حين يسدّد آخر قسطًا يجد أنّه قد سدد فوائد أكثر من ذلك!
هل يعلم العميل حين تصدر له بطاقة ائتمانيَّة ويروّج البنك أن بإمكانه فقط سداد 5 في المئة من إجمالي المطالبة سيجعل هذا العميل يسدد مدى الحياة دون استيفاء كامل المبلغ بسبب الفوائد الشهرية حتَّى لو تَمَّ أسلمتها بكلمة تورق؟
قد يستغرب البعض هذا الكلام وقد لا يفهمه لكن عملي كموظف سابق في أحد البنوك المحليَّة أثبت لي وبما لا يدع مجالاً للشكِّ أن جهةً ما لا بُدَّ لها أن تتدخل لتنصف المواطن العادي الغلبان وفي نفس الوقت على الاقتصاديين مهمة كبرى في نشر ثقافة الفهم الاقتصادي وفهم التعاملات الماليَّة للعامة، فالتخطيط المالي السليم والرؤية الاقتصاديَّة الواضحة هي إحدى لبنات قيام الدول وازدهارها، فهل يكون ذلك؟ هذا ما اتمناه.