|
الجزيرة - الرياض:
أكد خبير في القطاع الكهربائي على أهمية تفعيل وتطبيق استراتيجيات إدارة الأحمال من قبل شركة الكهرباء، وذلك بالتعاون والتنسيق بينها وبين قطاعات المشتركين (وبخاصة القطاع الصناعي) في إزاحة أحمالهم إلى خارج أوقات الذروة (فترة الحمل الأقصى)، ومنحهم حوافز وتعريفات مخفضة تبعا لذلك، إلى جانب القيام بدراسات مكثفة لتقصي وتحري أسباب الانقطاعات الكهربائية، ومن ثم تقدير تكاليفها حتى يمكن مواءمة تلك التكاليف مع تكاليف النظام الكهربائي (الرأسمالية الثابتة والتشغيلية المتغيرة)، تمهيداً لتقييم المستوى الأمثل لموثوقية النظام الكهربائي وقياس مدى جودته وكفاءته، مطالبا بتقدير تكاليف تلك الانقطاعات لشتى القطاعات ومن ثم مواءمتها بتكاليف المنظومة الكهربائية في عملية التخطيط الأمثل للوصول إلى مستوى موثوقية مناسب يضمن تدفق الطاقة الكهربائية من جهة ويقلل تكاليفها من جهة أخرى. وقال الدكتور عبد الله بن محمد الشعلان أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الملك سعود في حديثه لـ «الجزيرة» : إن من المعلوم أن الطلب على الطاقة الكهربائية يتزايد ويتعاظم من قبل المشتركين (جهة الطلب) لاعتمادهم عليها في جل شئونهم الحياتية، إلى حد أضحى معه أن انقطاع تلك الطاقة وتوقفها وحرمانهم منها سيؤدي إلى حدوث تبعات جسيمة تولد مشاعر نفسية حادة وخسائر مادية باهظة تلحق بأولئك المشتركين على اختلاف فئاتهم (سكني، تجاري، صناعي، حكومي)، إضافة إلى الخسائر المادية التي ستمنى بها شركة الكهرباء (جهة الإمداد) والمتمثلة في فقدان مبيعات الطاقة وخسائر مادية تلحق بالشركة وتؤثر في مركزها المالي وسوقها الاستثماري، لذا يكون لزاما على الشركة أن تراعي احتياجات وتوقعات المشتركين وكسب رضاهم، من حيث العمل على تلافي الانقطاعات الكهربائية، والالتزام بتطبيق معايير مقبولة تضمن توفير خدمات كهربائية ذات نوعية جيدة وكفاءة عالية.
وتناول الخبير الكهربائي قضية الانقطاعات الكهربائية التي يعاني منها كل من جهة الطلب وجهة الإمداد، مسلطا الضوء على النتائج والتبعات التي تتمخض من جراء حدوث تلك الانقطاعات سواء أكانت أمنية أم نفسية أم تتعدى ذلك إلى خسائر مادية واقتصادية يمنى بها الاقتصاد الوطني في أنشطته وقطاعاته الخدماتية والتجارية والصناعية. وقال: تحدث الانقطاعات الكهربائية عادة بسبب عجز في قدرات التوليد أو عدم كفاية خطوط النقل وشبكات التوزيع، وينتج ذلك عادة من سوء التخطيط أو عدم الأخذ في الحسبان تزايد الأحمال الكهربائية المستقبلية فلا يكون هناك إضافة لقدرات التوليد أو تعزيز لأنظمة النقل والتوزيع في فترات معينة. إلى جانب تلك الأسباب تعزى الانقطاعات أيضا إلى أسباب أخرى مثل أعطال في معدات توليد القدرات أو خلل في شبكات النقل أو عدم كفاية في أنظمة التوزيع، كذلك تعزى الانقطاعات أيضا إلى تقادم المولدات وتلاشي عمرها التشغيلي، كما أن هناك أيضا ظروف مناخية وعوامل جوية تكون سببا في حدوث الانقطاعات كالرياح العاتية والأمطار الغزيرة والعواصف البرقية، كذلك الحفريات العشوائية (غير المنسقة مع الجهات المختصة) التي تتم في الشوارع والطرق من قبل مقاولي شركات الخدمات العامة (الهاتف، المياه، الصرف الصحي) مما ينجم عنه إتلاف للكابلات والتجهيزات الأرضية، كذلك الطيور عندما تحط بأجسامها على الأبراج وخطوط النقل فتلامس بأجنحتها الموصلات الناقلة للكهرباء, فينتج عن ذلك ما يعرف بـ «قصر الدائرة» الأمر الذي تستجيب معه أجهزة التحكم والحماية فتعمل على فتح الدوائر الكهربائية ومن ثم يتوقف سريان الطاقة عبر خطوط النقل وشبكات التوزيع. وهناك انقطاعات قد تعزى أسبابها إلى الزيادة في الأحمال على محطات التوليد أو شبكات النقل والتوزيع وبخاصة في فترات الصيف وبنسب أعلى قد تتجاوز القدرات المصممة والسعات المقننة لها. وفيما يتعلق بالآثار المترتبة على حدوث الانقطاعات أشار الدكتور الشعلان إلى أنها تنقسم إلى:
1 - آثار الاقتصادية وتتمثل في تعطل العمل في المصانع ومراكز التسوق والمجمعات التجارية الأمر الذي يسبب تعطل الأعمال وتوقف الإنتاج وفقدان المبيعات مما يؤثر سلبا على الحركة الاقتصادية. 2- آثار اجتماعية وثثمثل في تعطل العمل في أجهزة الحاسب الآلي في الوزارات والمصالح الحكومية والمطارات والموانئ والبنوك، انقطاع المياه في المنشآت العمرانية والسكنية التي تعتمد على الكهرباء في ضخ المياه إلى خزاناتها، وتوقف الحركة في المصاعد والضخ في محطات الوقود وفساد الأغذية في الثلاجات والبرادات. 3- آثار أمنية وتتمثل في انقطاع وتعطل الاتصالات السلكية واللاسلكية في غرف القيادة والسيطرة وغرف العمليات في الأجهزة الأمنية التي لا يتوفر بها مولدات احتياطية، وقد يستغل هذا الوضع في ارتكاب جرائم سلب ونهب أو أعمال تخريب وإفساد، كذلك حدوث ارتباك مروري في الشوارع والتقاطعات الأمر الذي قد يؤدي إلى وقوع فوضى وحوادث مرورية, كذلك إمكانية القيام بأعمال السطو والسلب والنهب نتيجة لغياب أنظمة السلامة وتعطل أجهزة الإنذار. أيضا ربما يحدث خلل في الأماكن ذات الحساسية مثل المطارات والأماكن ذات القدسية مثل الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة. 4- آثار صحية وتتمثل في حدوث خلل في وظائف الأجهزة الطبية بالمستشفيات والمراكز الطبية وبخاصة غرف العناية المركزة وأجهزة المختبرات والفحص الطبي وبنوك الدم والأعضاء الحيوية، تلف وعدم صلاحية تلك الأدوية والعقاقير التي تتطلب درجات حرارة معينة لتخزينها، وأخطار جمة تتركها الانقطاعات على المرضى وبخاصة أولئك المنومين في المستشفيات والذين يعتمدون في حياتهم وبقائهم على أجهزة طبية خاصة. 5- آثار نفسية تتمثل في مشاعر الحرج والضيق والتبرم والمعاناة و عدم الراحة، وهذه المشاعر النفسية والمعنوية من الصعب التعبير عنها بقيم مادية محسوسة، ففي الصيف مثلا يؤدي انقطاع الكهرباء إلى توقف أجهزة التكييف وبدء المعاناة والضيق النفسي وربما ترك الأعمال والمهمات التي يباشرها الإنسان إلى حين تعود الخدمة الكهربائية، كما أن معظم الأنشطة المنزلية والفترات الترفيهية والمناسبات الاجتماعية تحدث عادة في المساء فانقطاع الخدمة الكهربائية سيؤدي قطعا إلى شلل تام في تلك الأنشطة وتوقفها ومن ثم حرمان المشترك من ممارسة نشاطات أو مناسبات اجتماعية معينة، كما أنه سيمنى بخسائر مادية تتمثل في تلف الأطعمة وتكاليف الوسائل البديلة للتييف والتدفئة والإنارة والتشغيل. وأشار أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الملك سعود إلى ضرورة التخطيط السليم والمنظم للنظام الكهربائي للشركة والذي يأخذ في الاعتبار تقدير كيفية ومدى نمو الأحمال الكهربائية المستقبلية (تزايد أعداد المشتركين)، حتى يتسنى للشركة تباعا، وبانتظام إضافة قدرات جديدة وتعزيز للشبكات؛ لمجابهة تلك الأحمال وتغطيتها في حينه تفاديا للانقطاعات وتبعاتها السيئة والمكلفة، إلى جانب تكثيف حملات التوعية بترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، والحفاظ عليها وعدم هدرها. ولفت الدكتور الشعلان إلى أن هناك جهات معنية بهذه الحملات، مثل: وزارة المياه والكهرباء؛ هيئة تنظيم الكهرباء؛ الشركة السعودية للكهرباء؛ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة؛ بالإضافة الى الشركتين العملاقتين أرامكو وسابك، وضرورة وجود مولدات احتياطية لما لها من أهمية كبرى في استخدامها في الحالات الطارئة التي يحدث فيها أعطال فجائية في الشبكة العامة ينتج عنه انقطاع الكهرباء وذلك لتوفير مصدر طاقة بديل عن الشبكة الرئيسية. كما أن لها دورا بارزا في الاستعانة بها في ساعات الذروة لتخفيض الأحمال القصوى عن الشبكة الرئيسية وإجراء إزاحة لبعض الأحمال الأخرى حسب أهميتها وبالتالي تساعد على توفير الطاقة لئولئك المشتركين الذين لا يستطيعون توفير مولدات إحتياطية. ويمكن ذكر المواقع والأماكن الحساسة التي يعتبر وجود المولدات الاحتياطية فيها ذا أهمية قصوى ولا يمكن الاستغناء عنها في ضمان تدفق الطاقة الكهربائية وهي: المستشفيات والمستوصفات الكبيرة، الوزارات والمباني الحكومية، المساجد الكبيرة (الجوامع)، المطارات، المصانع والفنادق ومحطات البنزين، مراكز التسوق الكبيرة (المولات والسوبر ماركت)، مخازن التغذية المبردة، قصور الأفراح وقاعات المناسبات، البنايات الشاهقة ذات المصاعد المتعددة.