قلت في مقال سابق: إن من ضمن قائمة الفوارق الطويلة والمعتبرة بين (الزعيم) وسواه من الفرق الأخرى هو أن (الزعيم) إذا ضرب أوجع، وإذا تكلم أسمع، وإذا أطعم أشبع.. وهذه إحدى صفات النبلاء والعظماء.
كذلك فإن من ضمن تلك الفوارق المعتبرة والمتوارثة عبر الأجيال: هي أنه لا يكتفي بجندلة منافسه وحسب.. لكنه يتوسع في ضربه ليشمل فلول جماهير وإعلاميي (المسيار) الذين نذروا أنفسهم منذ القدم على مناصبته الضدية، والوقوف إلى جانب خصومه قلباً وقالباً، وبكل الوسائل - أياً كان أولئك الخصوم - لا محبة فيهم أو شفقة عليهم، ولكن لأنه الزعيم الذي يرون في العمل ضده - ولو بالباطل - مدعاة لراحة البال، واكتساب قيمة افتقدوها في محيطهم وبيئتهم، لكنهم كثيراً، وكثيراً جداً ما عادوا أدراجهم يجرجرون أذيال الخيبة والمهانة لا يلوون على شيء، فيعمدون مرغمين إلى ممارسة (الهذيان) والعويل، ولطم الخدود.. بعكس الفرق الأخرى التي لا تتجاوز تداعيات وأصداء انتصاراتها حدود محيطها الضيق.
هذه الفوارق (المثبتة) بالصوت والصورة والوثائق - وليس بالكلام - هي من يحدد خانات ومراتب القوم بين سعيد وتعيس، بين مُهاب ولا مُهاب.. فلا نامت أعين الجبناء.
كل بيان وأنتم بخير؟!
ضحكت (والله)، وشر البلية ما يضحك، على ما جاء في البيان الاتحادي الذي جاء تحت وطأة (الخماسية) الهلالية الموجعة.. فما هكذا يكون الهروب من المسؤولية، وما هكذا يكون تبرير الفشل، ولا سيما أن الجميع قد شاهد اللقاء، والجميع شهود على أحداثه - باستثناء شهود الزور فهؤلاء لا يعتد بهم ولا بفزعاتهم - وبالتالي يكون اختلاق واجترار تلك الأسباب التي لا علاقة لها بالمنطق، ولا تليق بالعقلاء سواء من الجانب الاتحادي، أو المتلقي.. إنما تعبر عن ضحالة فكرية أكل عليها الدهر وشرب، وأضحت بضاعة بايرة لن يقتنيها من المتلقين إلاّ من هو في مستواها؟!!
من يعد إلى مقالاتي خلال الأشهر القليلة الماضية، سيجد أن لي أكثر من مقال أشدت وأثنيت فيها على توجهات الإدارة الاتحادية، وعلى قراراتها، كواجب تمليه الأمانة المهنية، بما في ذلك مقال كتبته في أعقاب تحقيق العميد لقب مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين للموسم الماضي.. أثنيت فيه على الجهد الذي بذلته الإدارة.. متجاوزاً مجرد الإشارة إلى جملة الكوارث التحكيمية المشهودة التي خدمته عياناً بياناً للوصول إلى النهائي على حساب الهلال، ومتجاوزاً إساءة الرئيس الاتحادي لنادي للهلال الكيان ومنسوبيه عقب الفوز عليه بمساعدة تحكيمية فاضحة والتأهل على حسابه، وقلت: الرجل في قمة الانتشاء فعذرته.. لكن سرعان ما خذلتني تلك الإدارة التي تغنيت بها كثيراً حين كشفت عن وجهها الآخر من خلال ذلك البيان (العصيدة) الذي افتقدت الشجاعة حين (توهقت) بإعداده ومن ثم إخراجه كوجبة مقززة لا تسمن ولا تغني من جوع.. اللهم إلاّ إذا كانت قد راهنت على فزعات المفلسين الذين أدمنوا التهافت على هذا الصنف من الموائد، فهنا يجدر بنا تذكيرها بالمثل الحجّة الذي يقول: (من تغدّى بكذبة ما تعشى بها)؟!.
كفاية يا إدارة الهلال؟!
اليوم أعيد القول الذي سبق أن قلته هنا، وملخصه أن من يؤمن بمبدأ التمسك بالمثالية المبالغ فيها كنهج للتعامل في وسطنا الرياضي.. إنما هو كمن يذهب ليبيع الورد في سوق السمك.. فقد رأينا كيف أن الكل أصبح ينهش في جسد الكيان الهلالي دون هوادة.. وأصبح من السهولة على أي طرف أن يستبيح حقوقه عياناً بياناً إلى الدرجة التي بات معها هدفاً مباحاً لتكتلات (بني خيبان) من الغربية إلى الشرقية مروراً بالوسطى، سواء داخل الملعب أو خارجه، بعد أن اطمأنوا إلى أن الدار أمان.. وغني عن القول أن الإدارة الهلالية ليست بحاجة إلى من يذكّرها بأن النادي الكبير بمكتسباته، فضلاً عن مشاعر ملايين العشاق، إنما هي أمانة في عنقها وبالتالي فإن حماية تلك الأمانة واجبة، ولاسيما بعد أن بلغ السيل الزبى، وأصبح من الغبن السكوت على ما يحاك ضد النادي من دسائس مدعومة بحملات إعلامية مسعورة مجيشة خصيصاً للنيل منه والإطاحة به عنوة لصالح أندية أخرى ليس من بينها نادي الشباب بطبيعة الحال؟!
لهذا أرى أن على الإدارة رصد كل ما تتعرض له فرق النادي من وقائع تحكيمية وغير تحكيمية تتكرر في كل مباراة، فضلاً عن تجاوزات إعلامية يقوم بها طابور مجند لهذه الغاية.. وتوثيقها.. حتى إذا خرج أحدهم وأصدر بياناً ملفقاً عقب أي خسارة يتلقاها فريقه من الهلال.. يكون لدى الإدارة الهلالية من الوثائق ما يلجم أي ملفق.. أما الاعتماد على الضمائر والثقة في مقدرتها على الوقوف موقف المحايد المنصف الذي يعمل بمبدأ (ما للخصم وما عليه) فلم تعد عملة متداولة.. خصوصاً في ظل النجاح الكاسح لظاهرة (ارفع صوتك تكسب) المتفشية هذه الأيام على نطاق واسع؟!
اللي ما يشتري يتفرج!!
في غمرة اندفاع المذيع (العجمة) الحماسي جداً كالعادة بحثاً عن (إبرة) في وسط كومة من (القش).. كرر أكثر من مرة مطالبته للجنة الانضباط بالتواصل معه فوراً لكي يوضحوا (لسعادته) المغزى من عدم ذكر مناسبتي عيد الفطر والأضحى ضمن مواد اللائحة، إلى درجة أنني خشيت أن (يطق له عِرق) من فرط الحماس والانفعال؟!
فمع تقديرنا لإخلاص المذيع (الأصفر) لصفراويته، وحرصه على أن يظل في عيون من يهمهم هذا الأمر، فهو لا يحتاج إلى تأكيد بقدر حاجته إلى ضبط الأعصاب، وإلى قدر يسير من فهم يساعده على إدراك الحقيقة التي يعرفها حتى أصغر مرتادي المدرجات سناً إلاّ العجمة.. فمتى كانت لدينا مباريات محلية تقام على أي مستوى خلال أيام عيد الفطر أو الأضحى حتى يتم إدراجها ضمن اللائحة؟؟!!
وهنا تتجلّى إحدى مصائبنا وتقهقرنا إلى الخلف حينما باتت تنحصر مهمة المذيع ومؤهلاته في مدى جرأته وقدرته على (الثرثرة) دون أن يكون خلفها ولو قدر يسير من الوعي الذي يساعده على الأقل على عدم الخوض في أمور يكشف الخوض فيها المزيد من الجهل وضحالة الفكر والفهم وعدم القدرة على احترام المهنة.. لهذا شاهدنا المذيع الذي يطلق على (العقاقير) (عقارات) وعلى (الأشعة) (إشاعة)، وآخر يقول (السلام عليكما) على الرغم من أنه يخاطب الآلاف، وإن نسيت فلن أنسَى أحدهم الذي لا يستطيع نطق عبارة أيها الإخوة المشاهدون كما ينبغي فهو ينطقها هكذا (أيها الأخت المشدون)، أو الفلتة الذي يسأل الضيوف: تُرى مع مَن مِن الفريقين سيلعب اللاعب المتوفى، وقس على هذه النماذج ما شئت بفعل الواسطة والمحسوبية والميول و.. و.. ويا لطيف الطف.
fm3456@hotmail.com