تحولت الزيارة التفقدية التي قام بها الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية لمحافظة الجبيل إلى زيارة تنموية، ركزت على الجانب المعرفي الذي يعد المحرك الرئيس للتغييرأ والمحقق لهدف التنمية المستدامة، والداعم الأول للاقتصاد.
يأتي التعليم والتدريب على رأس اهتمامات الدول الصناعية، ومن خلاله يمكن تطوير الشعوب والمجتمعات وتحويلها إلى مجتمعات منتجة قادرة على خلق الثروة والفرص الوظيفية والاستثمارية بشكل متجدد. لم تعتمد سنغافورة على ثروات طبيعية في سعيها نحو التقدم والازدهار، بل ركزت على قطاع التعليم الذي أصبح مسيطراً على المراكز المتقدمة في التصنيف العالمي.
يُعد تدشين أكاديمية جنرال الكتريك للتقنية، والتي أنشأتها المؤسسة العامة للتدريب الفني والتقني، من الإضافات المتميزة في قطاعي التعليم والتدريب التقني، خاصة وأنها انبثقت عن شراكة استراتيجة بين المعهد وشركة «جنرال إلكتريك» العالمية، من أجل توفير البيئة التعليمية والتدريبية للسعوديين، بالتركيز على قطاعي الطاقة والتكنلوجيا الأكثر طلباً في سوق العمل المحلية. «أكاديمية جنرال إلكتريك للتكنولوجيا» إضافة متميزة لقطاع التدريب المهني في محافظة الجبيل الحاضنة لأكبر التجمعات الصناعية.
الأمير سعود بن نايف، أعلن أيضاً عن تخصيص أرض بمساحة مليون متر مربع، من قبل أمانة المنطقة الشرقية لإقامة فرع لجامعة الدمام بالجبيل، ليخدم ثلاث محافظات هي: الجبيل، ورأس تنورة، والقطيف، ما يعني رفع الطاقة الاستيعابية للكليات والجامعات في الجبيل بشكل كبير. اختيار التخصصات العلمية المتوافقة مع متطلبات سوق العمل يفترض أن يكون من أولويات القائمين على مشروع الجامعة.
التوسع في الاستثمار المعرفي من خلال الجامعات بشكل عام، والجامعات والمعاهد التقنية بشكل خاص، يقود إلى الارتقاء بمخرجات التعليم، وبما يتوافق مع متطلبات العمل، حيث تشكل الجامعات والمعاهد التقنية القاعدة الرئيسة للاستثمار الأمثل الذي يمكن أن يسهم في إحداث التغيير في الاقتصاد وقطاعات الإنتاج. الاقتصاد المعرفي هو من يقود العالم، وينمي الدول، ويدعم المجتمعات، وأحسب أن الجبيل قادرة على أن تكون إحدى المحافظات المحققة لمعايير الاقتصاد المعرفي إضافة إلى ما يتوفر لديها من قطاعات الإنتاج البتروكيماوية والتعدينية والتحويلية الداعمة للاقتصاد.
الأمير سعود بن نايف علق على بعض طلبات الأهالي بقوله «منكم الصبر ومنا الوفاء» ويبدو أن الصبر لن يطول بإذن الله، فقد أسفرت زيارته الأولى عن حزمة مشروعات تنموية مهمة بدأ بالجامعة، والمعهد التقني، مروراً بالمركز الحضاري الذي بقي حبيس الأدراج لسنوات طوال، إضافة إلى مشروعات تنموية مهمة، وانتهاء باستكمال خدمات ضاحية الملك فهد التي تضم ما يقرب من ستة آلاف قطعة أرض ما يعني مساهمتها الفاعلة في معالجة أزمة السكن في الجبيل.
أَلَمَّ الأمير سعود بن نايف باحتياجات مدينة الجبيل، وأكد أنه على اطلاع تام بكل جوانب القصور التي تحتاج إلى معالجة، ووعد الأهالي بالعمل على معالجتها، وأكد أن «توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمثابة مصباح يضيء لنا الطريق، وهي واضحة بالتزام ميزان العدل والحق في خدمة الناس، وأنا في خدمة كل فرد منكم أسهر لراحته وهذه ليست منة، بل واجب يحتم علينا القيام به بكل أمانة ومسؤولية، وندعو الله العون والسداد».
أشرت في مقالة سابقة إلى نهج الأمير سعود بن نايف في علاقاته الاجتماعية بالأهالي، وأسلوبه الإداري المُغلف بالفلسفة الإنسانية، وهو ما بدى واضحاً جلياً في زيارته الأخيرة لأهالي الجبيل في منازلهم، وتجاوزه لبعض المراسم البروتكولية تبسطاً وتودداً.
أهالي المنطقة الشرقية عامة، ومحافظة الجبيل خاصة متفائلون ببدء حقبة تنموية جديدة يستكمل بها الأمير سعود بن نايف خطط التنمية السابقة التي أثمرت خيراً وبركة على «منطقة الخير» والوطن بشكل عام. ندعو الله له التوفيق والعون والسداد.
f.albuainain@hotmail.com