{وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَه سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاه الْجَزَاء الْأَوْفَى* وَأَنَّ إلى رَبِّكَ الْمُنتَهَى}.
مساءٌ مضيء بكم ومعكم، نستعيد فيه رحلة فارسٍ ركب قلِق المتنبي، وتجاوز قلقه، وجئنا الليلة لنستعيد غرته ونؤطر طُرته؛ فنكتال من محبته قسمة وافرة، ونقرأ في شموليته وفرة للمقتسمين.
كذا كنا، وكذا نبقى.. نلوذ من شعره بشعره، ومن نثره بنثره، ومن تفرده بتعدده، ومن الوزير بالسفير، ومن السفير بالمسافر غير المستقر، الذي يعدو بالريح، أو تعدو به الريح؛ فتحركه القصور كما الصفيح، ويعلو به الإصلاح لا المصلحة.. ثورته هدوء، ورؤيته روية، وتمرده دون خط الثوابت، وضمن سياق المتحول.
لم يعش عمرًا واحدًا؛ فأطال الله في أعماره كما قالت عنه غادة السمان، وتحققت فيه دعوة العالم الموسوعي أبي نصرٍ الفارابي؛ فوهبه الله حياة عريضة لا طويلة، فكذا عاش زمنه، وها هو كما الخالدين يسكن أزماننا ومن يجيء بعدنا.
عشق اليمامة فعشقته، فأدى الفرض للأرض، وقابلته الأرض بالرضا، وجاء كرسي غازي القصيبي للدراسات الثقافية أنموذج وفاءٍ وعطاء ونبع رواءٍ وانتماء، أو كما قال عنه شاعرنا الكبير سليمان العيسى عليهما رحمة الله:
شاعر من عرار نجد سقته
نفحات العرار عطرًا وندا
ذات يوم قرأته فرماني
في تخوم من نشوة تتحدى
كان في صوته امرؤ القيس
والأعشى ونجدٌ حلوٌ يغازل نجدا
هكذا تنبت الرمالُ قوافيها
فتخضوضرُ القفار وتندى
لقاؤنا للعمل؛ فسندع مشاعرنا لنبدأ رحلة هذا الكرسي الذي لا بد أن يكون ضخمًا كما كان صاحبه الضخم..
ibrturkia@gmail.comt :@abohtoon