Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 27/09/2013 Issue 14974 14974 الجمعة 21 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

برزت السياسة الثقافية كأحدِ المفاهيم الحديثة التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين.. وكنتيجة مباشرة للأحداث التي ميزت نهايات ذلك القرن حيث شهد تحولاتٍ مختلفة في شتى مناحي الحياة امتدت آثارُها إلى المجالِ الثقافي.. وانعكست بوضوح على السياسة الثقافية فكراً وممارسة.

ورغم تعدد وتنوع المفاهيم المحددة للسياسة الثقافية والناتجة عن تباين آراء الدارسين لها إلا أن الباحث الألماني (جرار أوغستن) استطاع بلورة هذا المفهوم على أنه نسقٌ من الغايات والأهداف تعتمد على وسائل وأدوات تُقِرُها مجموعة معينة.. ثم تقوم على تنفيذ ذلك سلطة ما من سلطات الدولة أياً كانت هذه الدولة... هذا المفهوم الذي حدده الباحث المذكور يشير إلى أن السياسة الثقافية تمثل أحد مجالات السياسة لأي دولة من الدول وعلى ضوء هذا المفهوم يتبين لنا مدى ارتباط الثقافة بالسياسة فهي في حقيقتها تعبيرٌ سياسي سواء كان مجالُها العلوم الإنسانية وآدابها أو الثقافة الشعبية أو البعد التراثي التاريخي أو حتى المجال الاقتصادي هذا عدا مناخ البعد العالمي وما يشمله من أحداثٍ مختلفة قائمة على منافسة حادة في ظل التطور والانفتاح.. أو أحداث صنعتها الصراعات والانقسامات.. أو التحالفات الحزبية والطائفية كما هو مشاهد في وقتنا الحالي.

فإذا كانت الثقافة هي عملية شاملة لكافة جوانب الحياة.. فإن السياسة هي فرعٌ من فروعِ الثقافة التي لا يمكن لأي دولة مهما كانت.. أن تحقق أهدافَها السياسية إلا من خلال الدوائر الثقافية المحيطة بها.. وإذا كان بمقدور الثقافة أيضاً أن تجيب على أسئلة السياسة على اعتبار أن السياسة فرع من الثقافة.. إلا أن كثيراً من المحللين والمفكرين يؤكد على وجودِ جدلية معقدة حول السياسة والثقافة.. هذه الجدلية قائمة على مبدأ تقويض الثقافة وهدرها داخل دوائر السياسة وهذا مشاهد في بعض أوطان الشرق الأوسط حيث أن الثقافة في المفهوم السياسي عند أنظمة تلك الأوطان تقوم على مبدأ سد الأبواب التي قد تأتي منها رياحٌ لا تشتهيها..يضاف أن سياسة بعض دول الشرق الأوسط هي سياسة محتكرة في مجموعات معينة لا تخلو من ممارسة الخداع والمراوغة والتضليل هذا عدا التهديد والتسلط وتكميم الأفواه وذلك مما يتعارض مع الثقافة التي لا تقبل المزج بين المتناقضات.. فهي أبوابٌ بلا حدود وحقٌ مشاعٌ للكل كما أنها ترفض مبدأ المصالح الذي تتبناه السياسة وتقوم على أساسه.

السياسة الثقافية ترتكز على جملة مبادئ.. وتظل في تشعبها تشكل الإطار العام لسياسة أي دولة من الدول.. ولأن الثقافة هي من إبداعات الشعوب المرتبطة بثقافاتها.. ولأن حياة الشعوب هي المنبع لكل إبداع ثقافي.. وإبداعها وتطورها مستمد من الحياة النابضة بحيوية المبدعين فيها فذلك كله من دلائل الارتباط بالثروة الثقافية التي تقوم عليها مبادئ الوجهات السياسية.. مما يعني ذلك أن الثقافة بعدٌ أساسي من أبعاد التخطيط لإستراتيجية سياسة أي دولة من الدول.. وبما أن السياسة فرع من فروع الثقافة لذلك لابد أن يُنظر إلى السياسة الثقافية بمنظار يعكس مستوى التطور المجتمعي لأي شعبٍ من الشعوب لا أن تأخذ طابعاً مشخصناً يُحدده هذا الزعيم أو ذاك فتتغرب الثقافة عن السياسة لأن هامش التمثيل أصبح ضيقاً.

zakia-hj1@hotmail.com
Twitter @2zakia

عود على بدء
جدلية السياسة الثقافية
زكية إبراهيم الحجي

زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة