يبلغ عدد المتقاعدين السعوديين حسب إحصاء مؤسسة التقاعد عام 1433هـ خمسمائة وواحد وسبعين ألفاً، كان منهم العام الماضي أربعمائة وتسعة وعشرون ألفاً أحياء، والمائة والأربعة والعشرون ألفاً الباقية من الرقم تمثل من انتقل إلى رحمة الله تعالى، وتصرف المبالغ المتبقية من تقاعدهم (بعد الطرح والضرب والقسمة) إلى من تنطبق عليهم اللوائح من عوائل المتوفين.
إذ المجموع أقل من ستمائة ألف شخص، والمبالغ التي تسددها مصلحة المعاشات والتقاعد لهم هي أربعة وأربعون مليون ريال في الشهر، أي أقل من نصف مليار ريال في العام!
إذا افترضنا خلف كل متقاعد (حي أو متوفى) أربعة أفراد كان أو ما زال يعولهم، نحصل على حوالي مليوني ونصف شخص يعتاشون من نصف مليار ريال، مما يعني حصول كل أسرة على ألفي ريال في الشهر (وهو في الواقع المحسوب ألف وثمانمائة ريال). عندما نستمر في القسمة يتوجب على كل فرد من أسرة المتقاعد أن يدبر أموره في حدود أربعمائة ريال في الشهر فقط لا غير.
تدور منذ زمن طويل مساومات بين الجمعية السعودية للمتقاعدين ووزارة المالية، دخل فيها مجلس الشورى بتوصيات لمحاولة إقناع وزارة الأموال المكدسة برفع المخصص التقاعدي إلى أربعة آلاف ريال في الشهر. كتب حول هذا الموضوع الكثير في وسائل الإعلام و نوقش مراراً و تكراراً، لكن وزارة المالية ترفض، بحجة أن الأموال المرصودة في الميزانيات لا تكفي للتغطية.
بعد أن أقول سبحان الله والحمدلله أطلب من المسؤولين الكبار في وزارة المالية، وعلى رأسهم الوزير الذي مثلنا في قمة العشرين (قمة رؤوس الأموال) أن يختلوا بأنفسهم بعد صلاة الجمعة، أو بعد عمرة أو زيارة في أحد الحرمين الشريفين ويفكروا في الأمر من النواحي الشرعية والإيمانية والإنسانية، والوطنية إن أمكن. حسابات الأغنياء وحراس الخزائن غير حسابات الجوعى والضعفاء والمساكين، وآلام المستضعفين أشد عمقاً، وأمراضهم أكثر، ومجالاتهم أضيق في تدبير شؤون الحياة مع البنات والأبناء وأمراض الكبر والمواصلات وحفظ ماء الوجه في المناسبات الاجتماعية.
أقول مرة أخرى إن مجالات احتيالهم في تدبير شؤون هذه الأمور محدودة بمثل جدران القفص الموجود بداخله طائر حبيس.
الدولة السعودية غنية وكريمة، وأياديها الممدودة بالمساعدات تصل إلى أقاصي الأرض والحمد لله، والأقربون أولى بالمعروف، ليس كمعروف منة وكرم فقط، وإنما كمعروف شرعي معترف به كواجب وحق من حقوق المواطنة وكمقصد من مقاصد العدالة في توزيع الثروة الوطنية. سوف أستمر في الانزعاج من موقف المالية مع المتقاعدين حتى يجعل الله للمتقاعدين فرجاً ومخرجاً.
- الرياض