لو سألت أحد موظفي مطار الملك خالد الدولي في الرياض عن عدد ونوع المسافرين في السنوات الأولى لافتتاحه لقالوا لك إن المطار كان (هادئا) معظم السنة، فيما عدا فترة الإجازة الصيفية، حيث ينشغل برحلات الوافدين للعمل لزيارة بلدانهم، أو فئة من طبقة معينة اعتادت السفر للخارج طوال فترة الصيف، أما ما تشهده المطارات الآن في كل نهاية أسبوع أو في إجازات المدارس التي لا تزيد على أسبوع بل حتى في انتهاز فرص يوم أو يومين إجازة مثل اليوم الوطني وما يسبقه، ناهيك بطبيعة الحال عن الإجازة الصيفية، فيكاد المطار (يغص) من أعداد المسافرين.

وتزايد أعداد المسافرين للسياحة، جاء بعد عدد من التغيرات التي شهدها المجتمع السعودي مؤخرا، منها ارتفاع الدخل لنسبة غير قليلة من الأسر، وتغير ترتيب الأولويات بعد أن كان بناء البيت (المسكن) في الأعلى أصبح السفر سنويا أكثر أهمية لدى بعض الأسر، كما أن فتح مجال الابتعاث شجع أهالي الطلاب والطالبات للسفر إلى مدن وبلدان أبنائهم صيفا.

ولكن على صعيد آخر لابد وأن تغيير مفهوم (السياحة) وتوطينه من خلال إنشاء هيئة عامة للسياحة والآثار منذ أكثر من 10 سنوات دور في تغيير مفاهيم المجتمع وتقبله لفكرة السياحة المنظمة من خلال حجز تذاكر وإقامة عبر موقع متخصص أو مكتب سياحي، سواء أكانت الوجهة محلية أو دولية، بعد أن كانت سياحة الأمس تتم من خلال (عزم النية) وركوب السيارة العائلية والانطلاق للوجهة، والمبيت في أي مكان شاغر تجده العائلة في المدينة التي تزورها.

ولكن التنظيم المدروس لتشجيع السياحة (داخليا) لم يكن العامل الوحيد، بل تغيير مفهوم السياحة ككل، لتخرج عن نطاق السياحة الدينية في أداء العمرة أو زيارة مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو الهروب من حرارة الصحراء إلى الجبال صيفا أو الاستمتاع بالبحر والسباحة في الخليج العربي أو البحر الأحمر، لتتحول إلى السياحة (الثقافية) للتعرف على المدن والمعالم والآثار والثقافة... الخ، وهو التحدي الذي واجهته الهيئة في بداية نشأتها.

وللحديث بقية