انطلقت لجان المناصحة منذ سنوات بفكرة رائعة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وحظيت بدعم وتأييد من المغفور له -بإذن الله- صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- حيث صدرت التوجيهات الكريمة لجهات الاختصاص بوزارة الداخلية بتشكيل اللجان الشرعية من أصحاب الفضيلة المشايخ، وبمشاركة من العلماء الشرعيين والمستشارين النفسيين والاجتماعيين.
وقد آتت هذه الفكرة ثمارها ولله الحمد والمنة، فقد غادر الكثير من الموقوفين الأمنيين السجون بعد مناصحتهم وتراجعهم عن أفكارهم التكفيرية، علماً بأن الشباب الموقوفين ولله الحمد أصبحوا حريصين على جلسات المناصحة؛ بعدما اكتشفوا أنها تصب في صالحهم، حيث بدءوا بالتنافس والتسابق لحضور الجلسات، والبعض منهم ألح على تكرار جلسات المناصحة لما لمسوه من شفافية وصدق في الطرح الشرعي العلمي المجرد الهادف للوصول إلى الحق، فيما علق بأذهانهم من أفكار مغلوطة، جاءت نتيجة للتغرير والتحريض والحجر الفكري الذي كانوا يتعرضون له من المحرضين، وكذلك الفهم الخاطئ لبعض النصوص وحملها على ظاهرها دون الرجوع إلى العلماء الراسخين في العلم ببيان المدلولات الصحيحة لهذه النصوص حسب المقتضيات والمؤثرات المعتبرة شرعًا.
وأعضاء المناصحة هم نخبة من أصحاب الفضيلة وأساتذة الجامعات ودعاة ومفكرين، وأن دورهم يتمحور حول الإجابة عن الشبهات التي وقع فيها الشباب مع مناقشة أسباب الانحراف، ضمن ضوابط شرعية يحددها ولي الأمر والعلماء الراسخون في العلم، مع التأكيد على أن الموقف الشرعي الصحيح مع حملة السلاح والخارجين عن الجماعة هو التوازن والعدل والإنصاف.
ومن أهم أسباب الوقوع في الأفكار المنحرفة: الإنترنت فهو يدخل كل بيت بدون استئذان، ويؤثر بشكل مباشر على فئة الشباب والواجب على أولياء الأمور متابعة أبنائهم وبناتهم متابعة دقيقة ومستمرة، نسأل الله أن يحفظنا وإياكم وذرياتنا من كل سوء ومكروه، والجميع يعلم ويرى أن هناك حملة شرسة، وتحريض سافر على بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية حكومة وشعبًا قبلة المسلمين ومأوى الأفئدة، ولكن من بشائر الخير ومن نتائج جلسات المناصحة أن: جميع من خضعوا للمناصحة تغير فكرهم واقتنعوا بأنهم كانوا على طريق خاطئ، ومنذ بدء لجنة المناصحة عملها انخفضت العمليات الإرهابية بشكل واضح، إضافة إلى الدور الأمني الحازم للدولة، ولم يعد هناك حضور للفكر المتطرف كما في السابق، وقد تضافرت الجهود في ذلك فلله الحمد أولاً وأخيراً.
وهذا يعتبر إنجازًا كبيرًا للجنة المناصحة، ونجاح لإستراتيجية الدولة في مقارعة الفكر بالفكر حتى اضمحل هذا الفكر بين هؤلاء الشباب بنسبة تصل إلى 80% أو أكثر، ولم يعد الفكر متمكنا من أغلبيتهم، حيث أصبحوا ينظرون إلى المجتمع والدولة نظرة إيجابية عكس السابق.
أسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياكم وبلادنا وولاة أمرنا من كيد الكائدين وحسد الحاسدين، وأن يديم علينا جميعاً نعمة الأمن والإيمان والوحدة والاستقرار، ويرزقنا شكرها على الوجه الذي يرضيه عنا. وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- جامعة الإمام