تواصل بعض القراء الكرام سائلين عن بعض خصائص الشاي، فما كان مني إلا أن عدت إلى كتابي الذي ألفته عن الصين ونقلت شيئا عما كتبته عن الموضوع، وما زلت عند قناعتي أنه لا يتميز بخصائص كبيرة عن أي نوع من أنواع الشاي المختلفة، شأنه شأن الثوم الذي ظن البعض أن به فائدة يمتاز بها عن غيره، لكن دراسة حديثة أثبتت أن ما ذكر ليس دقيقا، وأن ما فيه لا يفوق غيره، لكن ومع الأسف أن هذا التصحيح جاء بعد أن تأذى بني البشر من روائح أولئك المسرفين في أكله نياً ومطبوخاً.
نعود للشاي لنقول إنه يحتوي على بعض المركبات الكيميائية، منها 20% إلى 30% من حمض التنيك المعروف بمقاومته للالتهابات وكذلك مادة الكافيين بنسبة قد تصل إلى 5%، والمعروفة بتهدئتها للأعصاب، وهناك من يقول إن الشاي ذي الرائحة العطرية يساعد على تخفيف الوزن عن طريق تصريفه للدهون، وقد يتلاءم ذلك مع الأطباق الدسمة مثل أطباق قومية خوي الصينية المسلمة، أو التبت، التي تحتوي على الكثير من الشحوم واللحوم، مما يكون معه الشاي ذا فائدة كبيرة، ولهذا فهناك أنواع كثيرة من الشاي يعتقد الصينيون بتخفيفها للوزن، وهناك من يقول: من الأولى أن تبقى ثلاثة أيام من دون ملح خير لك من أن تترك الشاي ثلاثة أيام. وأعتقد أن هذه حقيقة لاحتواء الملح على مادة الصوديوم، وكما أن هناك من يقول إن شرب الشاي الصيني من قبل المدخنين يقلل الأثر السيئ للنوكيتين، غير أنه لم يقع تحت يدي ما يثبت ذلك. وكل هذه الآراء تحتاج إلى ما يؤكدها بصورة علمية، وعموما فإن الإفراط في شرب الشاي يعني مزيداً من حمض التنيك، ومن المعلوم أن الزيادة من هذ الحمض تؤثر سلبا على إفرازات المعدة مما يؤدي إلى عسر الهضم والإمساك، وشرب الشاي قبل النوم يسبب الأرق عند عدد غير قليل من الناس، وكثيرا ما نرى عدداً من الضيوف يعتذرون عن شرب الشاي مساء خشية الأرق، غير أن البعض منهم يقتصر ذلك على الشاي الأحمر، وهذا غير صحيح، وقد يكون للعامل النفسي أثر في ذلك، وعموما فإن الإفراط في تناول الشاي المركز سواء الأخضر أم الأحمر قد يؤدي إلى خلل في نبضات القلب، ويقلل من إدرار اللبن عند النساء.
وحسب ظني أن الحديث عن مزايا شرب الشاي الأخضر، أو أكل الثوم كريه الرائحة، إنما هو غطاء نتجلل به، ونقنع أنفسنا بفائدته، لنواصل عاداتنا الغذائية السيئة من إسراف في الأكل والشرب، واختيار للأطعمة الدسمة، وعدم تناول كميات كافية من الفواكه والخضار، والإكثار من التدخين لدى المدخنين، وهكذا نضعف أمام شهواتنا ثم نبحث عن الحلول السهلة، وربما يكون ذلك هو السائد في مناحي حياتنا، فبعض الطلاب يريد أن ينجح بأيسر السبل، وبعض الموظفين يريد أن يترقى دون عناء، فإن وجد ما يعينه على ذلك، فإن الشاي أو الثوم لن يكونا أحدهما أوكليهما بقادر على تقديم المساعدة الكافية فليس لديهما عواطف وقدرات تستخدمانهما كما يفعل بني البشر فيما بينهم، ولهذا فلا تعولوا عليهما، وأكثروا تغليب الهوى في المأكل والمشرب حتى لا تلجأون إلى غير ناصر لكم في صحتكم لأنها أغلى ما يملك العبد، أما ما يفعل بني البشر فلكل مجتمع خواصه وبتلك الخواص يكون السلوك، ومن السلوك تكون النتائج، ومن النتائج تتباين المجتمعات وهكذا تعيش وما زالت تعيش وستظل.