|
يحفل شهر رمضان منذ عرفناه بمظاهر إيجابية، ندعو الله أن تبقى ولا تزول، وتندثر ككثير من المظاهر التي انتهت، لأن فيها كل دلالات الخير والتلاحم والمحبة بين الناس، والتواصل الطيب، ومن تلك المظاهر التي كانت تزّين رمضان الأمس، وإن كانت لا تزال في بعض المناطق، ولكنها ليست كما كانت بالأمس (تبادل الأكلات البيتية بين جيران الحي)، أو كما تعرف في غالب مناطق المملكة باسم «الطعمة» أي أن كل بيت يحرص أهله على أن يطعموا جيرانهم من الوجبات المعدة في البيت، فقد كنّ ربات البيوت يقمنَ بإعداد أصناف من الطعام، عادة ما تكون من الأكلات الشعبية الرمضانية المعروفة، والتي تجد قبولاً عند الكبار والصغار، ثم يتم تكليف الأبناء الصغار بحملها إلى الجيران قبل أذان المغرب، كانت هذه «الطعمة» تحمل معنى للتواصل والتراحم، وكانت تعمق معنى الحب والتواد بين الجيران والأقارب، وكان نقلها يتم بين البيوت صرف النظر؛ عَما إذا كان أصحاب البيت المحمول له الطعام في حاجة له أم لا؛ لأن «الطعمة» عادة رمضانية، وُجدت وهي تهدف إلى إيجاد معنى الإحساس بالتقارب بين الأهل والجيران والأقارب، والاطمئنان على بعضهم بعضاً، كمجتمع مسلم متوحد في ألمه وفرحه، أليس من المحزن أن نراها خفّت أو اختفت؟ وأدعكم تتأملون في هذا الحديث الشريف عَن أَبِي هرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسول اللَّهِ: «إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقُول يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابَن آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ: أَما علمْتَ أَنَّ عَبْدِي فلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ. أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَه؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمكَ وَأَنْتَ رَب الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّه اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعمْه، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعمتَه لَوَجَدتَ ذَلِكَ عندي؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِني قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَب الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَان فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي».
mfaya11@hotmail.com