في حياته المديدة قصة انتهت إلى غصة كادت تكتم أنفاسه.. استشعرت بها وأنا اقترب من عينيه كي أقَبِّل جبينه معزياً في ابنه الغالي عبد الوهاب.. أدركت أن الدموع الحبيسة داخل مآقيها سوف تغرق بالوجع والفجيعة ما هو داخلها إلى درجة النهاية..
من يومها لم يعد راحلنا الكبير محمد الفهد العيسى ذلك الطيف الرائع، والضيف الماتع.. كان ذلك الشيء المختلف لإنسان بلغ من العمر عتياً أمام قَدر لا يقوى اقتداره على صده أو رده..
يوم أن صُلي عليه.. وووري في الثرى ظهيرة ذلك اليوم وكما هي العادة اقرأ أخبار الهاتف ورسائله.. كانت ناصعة البياض لم يمسسها سوء على غير العادة من أخبار الوفيات.. تنفست الصعداء حمداً لله ألقيت بالهاتف إلى جواري، ورحت اقرأ صحافة ذلك اليوم، وكانت الصدمة خبر رحيله والصلاة عليه ودفنه في مقابر أم الحمام، كنت هناك وأمام قبره جمع ليس بالغفير من أبنائه وأقربائه وأصدقائه، وتساءلت مع نفسي أين؟! وأين؟! وأين؟!.. لا أحد..
في مرآة حياة راحلنا أبعاد ثلاثة.. بُعدٌ وطني مشبع بالانتماء والوفاء، وبُعد ثقافي وجداني إنساني عقلاني أودعته في شعره الرائع.. وبُعد اجتماعي يجسد الوجاهة والقيمة المجتمعية المنضبطة.
أبا عبد الوهاب لست أول من رحل، ولن تكون الأخير، نحن أشبه بحقل سنابل أينعت وحان قطافها في عملية إحلال كونية متجددة، يكفيك أن سنبلة حياتك كانت ثرية بخصوبتها.. وبثمرتها.. اليوم نعزي وغداً يُعزى فينا.. يرحمك الله رحمة واسعة.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
الرياض ص.ب 231185 - الرمز 11321 - فاكس: 2053338