* حين نشعر باشمئزاز، أو تقزز، أو (قرف) وكل ما يشبه ويؤدي وظيفة هذه المترادفات، فإن هذا النفور يستطيل ببطء من أنفسنا نحن، نحن الذين نُخَمن الخير أو (النظافة) كثيراً، والذين لا نحب ارتطامنا بالحقائق النظيفة، الحقائق التي كذبوا علينا وقالوا أنها مُرَّة! الحقائق صادقة وفقط، ليست مُرَّة ولا حالية ولا أي طعم آخر! هي تقول (نفسها) دائماً بلا تبريرات. ولا أدري لم نكره ذلك!؟ أهو خشية مكاشفة أنفسنا بعد التخمين الخطأ!؟ أم أنه الظن الحسن الذي يجب أن نقدمه، وأن نلتمس لأخينا تسعين عذراً!؟ بينما الشيء المقزز -على الأقل- لم يخف قبحه وقذارته!! (لأنه هُوَ) بأبسط شرح للصورة. و هو هنا مادة وروح على نحو واحد.
* دائماً ما نقول: (من المفترض كذا..) أو (المفروض هو كذا..)! عن أي مفروض كنا نتحدث دائماً!؟ أو أي مفروض ومفترض!؟ من أعد نموذج المفروض والمفترض ليكون المرجع لإسكات أحد أو لومه على شيء!؟ المفروض و المفترض وليسا من صنع اللحظة ولا من صنع أحدهم لنا، ولا يجب أن يكونا كذلك. هما حجة مدحوضة إلا أن الجميع لم يعتقد ببطلانها بعد، بل يتذرعون بها أحياناً! لا أحد يجب أن يقرر عن أحد ليعيده إلى المفروض والمفترض فيما يراه أو يراه غيره معه، وحدنا من يحدد هذه المعيارية؛ لأنها تخصنا! حتى على مستوى المآسي الكبرى لا يوجد مفروض ومفترض إلا حين نصنعه أونوجده نحن مسبقاً لا أحد آخر.
* الجدليون هم الذين يقضون حياتهم بجِدِّية الرياضيات التي لا تمزح أبداً والمسطرة بطول30 سم، وحضور الجد عقل أخيراً ليعيد رسم (الباترون) لكل طويلة وقصيرة من جديد، و يلملمون أطراف الجدل في كل مرة ويناقشون قضاياهم المُتَحَاتَة بمثابرة، ويؤطرون الأفق بالمسطرة والمقص بلا جدوى غير الإفساد على الآخرين من أجل الجدل نفسه؛ لأنهم لم يحققوا طوال هذه الحياة غير هذا الجدل بالمسطرة والمقص!!
* تخمة الفراغ، والجهل والتجاهل، والتعاظم المنفوخ، والمروءة المستعارة، والجبن المبشور، والمثلث، والمربع والسائل، كلها من أثر موائد الاستعراض والجماهير غير المرئية. الأثر الحقيقي ليس صراخاً يلفت الأعناق فقط، ولا سواداً يحيل الدنيا خراباً وموتاً متربصاً! كما أنه ليس جزرة وعصا! الأثر ألا تَهِب عقلك أو تؤجره لأحد لقاء فقاعة كبيرة. وأن تستحيي من الله جراء ذلك لأنه وهبك إياه لك، لا أن يستخدمه الجميع لك. أن تُعْمِله بصمت ومثابرة بعيداً عن الضجيج المصنوع في ما ينفع الناس ونفسك.