أخبار جديدة تم تناقلها بالإعلام تتحدث عن نية وزارة الإسكان طرح آلية للشراكة مع المطورين العقاريين وذلك للمساهمة ببناء وحدات سكنية كأحد العوامل المساعدة على توفير أكبر كمية من المعروض السكني خلال فترة زمنية قصيرة هذا الاتجاه صحي وجيد وسيكون له دور فاعل في سوق الإسكان.
ولن نعود للوراء كثيراً لنسأل لماذا تراجعت الوزارة عن قرارها السابق بعدم التعاون مع القطاع الخاص وتحديداً المطورين لتجد أن عملها لن يكتمل فيما بعد إلا بالشراكة معهم وليس التعاون كقفزة نوعية بطريقة التفكير لدى الوزارة ومن المهم التنويه إلى مرونة الوزارة وسرعة تحركها باتجاه أي سبيل يخدم السوق العقاري.
لكن عدم وضوح الرؤية للوزارة إلا بعد أن تخوض التجربة أيضاً يعد عاملاً سلبياً نوعاً ما لأن ذلك يؤثر على السوق العقارية والمنشأة العاملة فيه سلباً، ومن البديهي أن لا تعمل الوزارة لوحدها في سوق ضخم وكبير كالإسكان، وقد طرحنا مع كثير من الاقتصاديين والمختصين أهمية دور القطاع الخاص في حل مشكلة السكن وقدرته على توفير الحلول بوقت قياسي لعوامل معروفة.
فالوزارة يفترض أن يكون دورها إشرافياً رقابياً تشريعياً تنظيمياً داعماً للقطاع العقاري وموفراً للبيئة التي تخدم كل الأطراف وأولها المواطن بما يوفر له سكنه بأفضل تكلفة وبأنواع من المساكن تناسب كل الشرائح بالمجتمع. ولا ننكر أن وزارة الإسكان رغم أن عمرها لم يصل إلى عامين ونصف العام تحاول جاهدة الإسراع بكل خطواتها العملية وقد حصلت على كل ما طلبته من الدولة وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وذلك لتتمكن من أداء دورها ذاتياً دون أي إعاقة أو تأخير سواء بتوفير مبالغ مالية ضخمة جداً وكذلك الأراضي وإشرافها ومسؤوليتها عليها وصدور الأنظمة والتشريعات الخاصة بالسوق العقارية ونقل مسؤولية صندوق التنمية العقارية لوزارة الإسكان فامتلكت الوزارة الإذرعة المالية والإدارية والتنظيمية والقدرة على التاثير بأسعار الأراضي بامتلاكها لمساحات شاسعة وكذلك الموافقة لها على اتخاذ كل ما تراه مناسباً لسوق الإسكان بمرونة عالية أتاحت لها طرح المنتجات المالية أو الاتجاه للتحكم بمنح الأراضي إلخ من كل ما سمعناه من الوزارة. لكن الخطوة الاخيرة بالاتجاه للشراكة مع القطاع الخاص ببناء وحدات سكنية كمحصلة نهائية لهذه العلاقة مع الاتفاق على آليات لإيصالها للمواطنين بأسعار وتكلفة مناسبة أو ابتكار طريقة لأسلوب التعاون أياً كان الشكل الذي سيتم الاتفاق عليه إلا أنه لن يعدو ما هو معروف عالمياً من أساليب الشراكة المعتاد العمل بها بين الجهات الرسمية والقطاع الخاص.
لكن أهمية هذه الخطوة يجب أن لا ينظر لها كحل يسعف الوزارة بتوفير السكن للمواطن بالمرحلة الحالية فقط كي تصل الوزارة لتمكين السوق من أكبر عدد من الوحدات السكنية المعروضة بل يجب الاتجاه نحو تعميق علاقة الشراكة لكي تكون نواة لصناعة عقارية بكل معنى الكلمة توفر النشاط المطلوب للسوق مما ينعكس بجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل بأعداد كبيرة وتأثير إيجابي على كافة القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالصناعة العقارية بشكل مباشر أو غير مباشر.
أن اتجاه وزارة الإسكان للشراكة مع القطاع الخاص لابد أن تظهر آلياتها وشكلها للعلن خلال فترة قصيرة جداً ولا يجب أن تكون غير معلنة بكل تفاصيلها كما أنه ليس من مصلحة السوق ن تطول فترة التوصل لشكل هذه الشراكة وبالمقابل فإن أهمية الاتجاه بتحويل الصندوق العقاري إلى بنك بعيداً عن الخطة الإستراتيجية للإسكان وانتظار صدورها له أهمية كبرى بدعم هذه الشراكة إذ سيمكنه ذلك لإيجاد منتجات عديدة تخدم وتقود عمليات التمويل التي يحتاجها القطاع الخاص العقاري.
ومن الأهمية بمكان أن تتولى وزارة الإسكان الإشراف الكامل على القطاع بحيث تصبح هي المصدر لتراخيص ممارسة الأنشطة العقارية كما هو معمول بالعديد من القطاعات كي تضع معاييرها لممارسي النشاط وتبعد عن السوق كل الدخلاء عليه الذين أتخموه بالسلبيات كما أن إيجاد مرجعية حقيقية للمنشأة بالقطاع سيشجع استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية للسوق وكذلك الخبرات المطلوبة للنهوض بقطاع التطوير العقاري بمختلف مكوناته. خطوة إيجابية من وزارة الإسكان بالشراكة مع القطاع الخاص لكنها لن تكتمل منافعها وفوائدها إلا بتسارع خطوات تنفيذها وبتغيير قواعد العمل بالسوق العقاري من حيث الإشراف والدعم والمتابعة للوصول إلى صناعة عقارية حقيقية لن تحل مشكلة السكن فقط بل ستلعب دوراً بارزاً بنمو الناتج الوطني إيجاباً وجذب الاستثمارات وفتح عشرات الآلاف من فرص العمل بالسوق العقاري وما يرتبط به من قطاعات وأنشطة اقتصادية.