يحدث في الأخذ والعطاء أن تشعر بانعدام الفائدة وبالدونية.. كونك تقدم ما تيسر لك أن تقدمه.. ثم تصفعك الخيبة على وجه ظنونك.. كأنما تصب كرمك في بئر ليس له قاع.. أو وعاء ثقبته شهية اللؤم الشرهة.. والتي لا تكفيها الدنيا بما رحبت.. هكذا قد يأخذك تحليل الموقف.. ويتعاظم رد الفعل للبحث عن بديل يستحق.. أو التوقف كلياً عن العطاء.. وحتى المحاسبة في أحقر صورها.
لكن قد تكون أنت سبب خيبتك.. أتدري كيف؟
لأن الإنسان في أغلب عطائه إنما يقدم ما يرغبه هو.. حسب ظنه أن الشريك يريد ذات الأمر.. أو ما يعتقد أن الآخر يحتاجه.. دون تحرٍّ للحاجة الحقيقية والأساسية عند الآخر.. ورغباته الأعمق والتي لا تظهر من مخبئها دون أن تضمن الأمان والفهم والاحتواء.. كي يقترب من اليقين بدلاً من فقاعات التوقعات.. التي غالباً ما يصل معها إلى الـ”لا شيء”.
فهو الطبيب الذي أخطأ موضع الألم.. وعالج منطقة ترفل بالصحة والعافية.. وبقي المرض يكبر ويتضخم.. حتى أضحى مريضه عاجزاً.. أو توفته حماقة طبيبه الذي ظن أنه قدم أفضل ما عنده.
والأسوأ من هذا.. أن تتراكم الأشياء التي لا يحتاجها الطرف الآخر ولا رغبة له بها.. وتظن يد الكريم أنها ما مدت إلا لجاحد.. وتفتر العلاقة حتى تذبل إن لم تنقطع.. وكلاهما يحمل وزر الإجهاز على الحب والتقدير.. الأول بصمته.. والثاني بجهله.. كلاهما بين العوز والقهر نسي أن يخبر صاحبه أن ما يريده في مكان آخر تماماً.. أو أن أحدهما صرح وقطف الندامة.
فمن أعظم ركائز العلاقة الناجحة.. بين أي شريكين.. أن تُحترم الرغبات مهما شعر أحدهما بسخافتها.. أو وضاعتها.. إلا أنها تبقى منتهى اللذة والمتعة له.. وهذا سبب كاف لأن ترتقي لمستوى الضرورة.. وتعامل باحترام وتقدير.. دون إطلاق الجمل الركيكة المستهجنة.. أو المحتقرة.. أو المستخفة.. والتي تأخذ معها العلاقة إلى جحيم الاتهامات والتي قد تصل إلى أبعد من ذلك كالخيانة والتحدي والعناد.. فالرغبات أطفال لا تعرف معنى للرفض.. وستكشف عن نفسها بعد أن جُرحت بأي شكل كان وإن كانت غير لائقة.
عند الرغبة أو الحاجة التي تجهلها ..لا تتنبأ.. إنما اسأل.. ففي السؤال ألف حياة.. بمعنى (السؤال “ببلاش” فلا تسوي فيها فيلسوف الحب وخبير الحنان).
amal.f33@hotmail.com