كان المميز في قرار تدشين المرحلة الأولى لمسار الطواف، هو الحيز المستهدف من توفير إمكانية الوصول إلى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنحها الفرصة؛ لتأدية شعائر العمرة، وركن الحج أسوة بغيرهم. والذي سيمكنهم من الناحية الحركية، الوصول إلى تلك المشاعر بمفهومه الشامل، والتي تبلغ حد الضرورة في مراعاة المصالح، وتكميلها، ودرء المفاسد، وتقليلها.

إن اعتماد توفير الرعاية لهذه الفئة عن طريق اعتماد سياسات، تؤمن إمكانية دخولهم للحرم بكل يسر، وسهولة، يعتبر موقفا إيجابيا على المستويين - النظري والتطبيقي -، بل سيمهد لأرضية خصبة؛ لإكسابهم حقوقهم المشروعة. وما ذاك إلا بفضل إستراتيجيات اهتمام الدولة، والقائم على أساس المساندة، واعتبار الآخر وفق مقاييس الحضارة الإنسانية. وتأمل على سبيل المثال، كيف أن القيام بالأعمال التوسعية للحرم المكي، والتي أدت بشكل طبيعي إلى انخفاض حجم الطاقة الاستيعابية للمطاف من 48 ألف طائف إلى 220 ألف طائف في الساعة، وسعياً للتقليل من هذه الفجوة في أعداد الطائفين، فقد بُدئ في تنفيذ المطاف المؤقت، الذي يرفع الطاقة الاستيعابية إلى 35 ألف طائف في الساعة، بعرض 12 متراً، وسيتم تركيب المطاف العلوي، وربطه بالتوسعة الأولى للطائفين، ولذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب العمل على استكمال المشروع بشكل مباشر بعد شهر رمضان، وحتى موسم الحج لهذا العام.

ثم إن الاهتمام بهذه الفئة واجب وطني، ودليل على تطور المجتمع، ورقيه، دون التقيد بالأطر التقليدية الحديثة. وإذا كانت حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة لا تستورد، ولا تفرض، بل يسيرها عقد مبرم بين ولي الأمر، ورعيته ضمن قواعد، وتشريعات تحوطها بالرعاية، والعناية. فحفظ النفس من المصالح الضرورية، بعد حفظ الدين، - سواء - كانت هذه المصلحة دينية، أو دنيوية، باعتبار : أن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة العامة للرعية؛ درءا للضرر، والفساد، وجلبا للنفع، والرشاد.

النقطة المضيئة التي تضاف في نهاية هذا المقال، هو أن افتتاح جسر المطاف المؤقت لذوي الاحتياجات الخاصة، يأتي في سلم اهتمامات الدولة السعودية. وهو أحد مشروعات المرحلة لتوسعة الحرمين الشريفين؛ لتكون مبعث اعتزاز للمسلمين في كل مكان، ومعلما إسلاميا شامخا، سيظل يردده كل منصف، يشهد على ما تقوم به هذه البلاد من أعمال جليلة، تهدف في مجملها إلى خدمة الإسلام، والمسلمين.