ترى الكاتبة التركية آيلين جوكمان أن هناك تشابهاً بين الحالتين التركية والمصرية، من حيث مسار المشاركة السياسية للإسلاميين وعلاقة ذلك بدور الجيش والنظام العلماني القائم، من خلال وضعها لمقاربة بين ما حدث في تركيا عام 1997م،
عندما تدخل الجيش في الحياة السياسية وأطاح بالحكومة المنتخبة للزعيم الإسلامي نجم الدين أربكان، وبين ما جرى في مصر عقب المظاهرات الشعبية يوم 30 يونيو بتدخل الجيش في العملية السياسية وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي.
الكاتبة في هذه المقاربة لا تناقش مدى شرعية الجيش في العمل السياسي أو دستورية تدخله ضد جهة منتخبة، سواءً كانت حكومة أو رئاسة، إنما تحاول كشف مستوى الوعي السياسي لدى جماعة الإخوان المسلمين ونوعية الأداء الديمقراطي عند الإسلاميين أو الحركات الإسلامية بشكل عام، عندما يتحولون من منصة المعارضة إلى سدة السلطة، وكيف يتعاملون بواقعية أم بمثالية أم بإقصائية مع طرفين رئيسين في الدولة وبأية عملية سياسية أو حياة ديمقراطية، طرف السلطات الثلاث (القضائية والتشريعية والتنفيذية)، وطرف الأحزاب السياسية والقوى المدنية الموجودة على الساحة، إلى جانب القوى الثورية إذا كانت موجودة كما في حالة مصر.
خصوصاً أن هناك تجربة حاضرة في المشهد الإقليمي وتكاد تكون مشابهة لحالة الإخــوان والإسلاميين في مصر، وهي تجربة الإسلاميين في تركيا.
لذا ترى الكاتبة جوكمان أن الإخوان لم يستوعبوا هذه التجربة الثرية والمفعمة بالدروس حينما كانوا في المعارضة، بحيث يستخلصوا منها العبر ويضعوا منهجهم السياسي الواعي وبرنامجهم الانتخابي الواقعي، بدلالة أن ما حدث لحكومة نجم الدين أربكان (المنتخبة) حدث لرئاسة محمد مرسي (المنتخب)، بل وتشير إلى أن أربكان يعد أكثر وعياً وانفتاحاً في نظر العلمانيين من الإخوان المحكومين بالفكر الديني للجماعة، مع ذلك تمت الإطاحة بحكومة أربكان لأن شخصيته المحافظة وشعارات مؤيديه أعطت انطباعاً لدى المؤسسة العسكرية التركية، التي تعد نفسها حامية النظام العلماني الأتاتوركي، أن هناك توجهاً للحكومة الإسلامية المنتخبة نحو أسلمة الدولة كما هو الانطباع ذاته الذي تشكل في مصر عند الجيش والقوى العلمانية وبعض الأحزاب السلفية عن أخونة الدولة.
لذلك احتاج الإسلاميون الأتراك سنوات كي يعودوا للحياة السياسية بعد إقصائهم منها واعتقال المئات منهم وحل حزبهم (الفضيلة)، غير أن عودتهم كانت مختلفة بإنشاء حزب جديد عام 2001م، يحمل أفكاراً ويعلن شعارات مختلفة عن حزب أربكان كي يمكن قبوله بالعملية السياسية مرة أخرى، وهو حزب (العدالة والتنمية) الذي أسسه عبد الله غول وصديقه رجب طيب أردوغان.
وعليه تعتقد الكاتبة أن خطأ الإخوان الكبير هو تبني طريقة أربكان وليس ممارسة سياسة أردوغان، لأن الأولى تجعلهم تحت مظلة الجماعة ويأتمرون بفكرها ويتأثرون بمرشدها في إدارة الدولة، وهذا لا يصلح في العمل الديمقراطي، بينما في الأخرى يدركون أن وجودهم يكون من خلال حزب رسمي مستقل عن الجماعة يؤمن بكل أدوات العملية السياسية التي في بعض حالاتها مشاركة الآخرين وفق تبادل المصالح والنفوذ، سواءً كانوا في السلطة أو المعارضة.
alkanaan555@gmail.comتويتر @moh_alkanaan