نتفق جميعاً أن مؤسسات التعليم العام على وجه الخصوص هي المؤسسة الأقرب والأكثر تعايشاً واحتكاكاً بأفراد المجتمع منذ نعومة أظفارهم وحتى وصولهم لمراحل الرشد والنضج في الجنسين وتكمن أهمية هذا التعايش أنه بصفة إلزامية لا اختيار فيها، إذاً نادراً من نعرف أنه لم يلتحق بالمدرسة، وذلك التعايش الطويل الزمن سواء على مستوى اليوم أو المرحلة الدراسية يحتم التواصل مع معلمين ومعلمات في العديد من التخصصات والمهارات وذلك التواصل شبه اليومي يفرز تأثيرات على مستويات قريبة وبعيدة -لا سيما- فيما يتعلق بسلوك الطالب والطالبة داخل المؤسسة التعليمية أو خارجها فكثيراً من نسمع الأطفال يتحدثون أمام أفراد أسرتهم بموقف أو تصرف المعلم والمعلمة مما يعكس قوة التأثير ومدى رسوخه في مخيلة وفكر الطفل ولعل لذلك العامل أسباب منها طول زمن بقاء الطلاب والطالبات في مدارسهم والتي تستمر طيلة ساعات خلال أيام الإسبوع وعامل آخر لا يقل أهمية عن عامل الزمن وهو قوة موقف المعلم والمعلمة داخل المدرسة ومدى تعلق مسيرة من يقومون بتعليمهم بتلك القوة في ظل غياب نظام الاستبانات حول مستوى رضا الطالب والطالبة حيال سلوك واستيعاب الممارسين لمفاهيم ومهارات ومعارف المواد التي يقدمونها لطلابهم بالرغم من التطور القائم والمتسارع للتكنولوجيا وعدم الاستفادة منها فيما يخدم العملية التعليمية والتربوية بشكل ملموس ونظراً لتفشي سيطرة الفكر على السلوك الإيجابي والسلبي في عصرنا هذا أصبحت المطالبة ملحة لإقرار اختبارات مستوى الفكر وتطبيقاته على المتقدمين لممارسة عمليتي التربية والتعليم من الجنسين وعدم الاكتفاء بالدراسات النظرية لمفاهيم التربية والسلوك المعمول بها الآن، بحيث يكون ضمن أولويات اختبارات القدرات للمتقدمين ولا يسمح لمن يخفق بتجاوزه بالدخول لميدان التربية للحفاظ على فكر الأجيال وحمايتها من الأفكار المتطرفة والمنحلة على حد سواء، ولعل وزارة التربية والتعليم تعير هذا الرأي المتواضع جزءاً من اهتمامها فالفكر هو مشكل السلوك ومرسخ القناعات لدى الأفراد سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات.
والله من وراء القصد،،،