الخلاف أمر حتمي لا بد أن يحصل بشكل تلقائي في كل علاقة ثنائية فيها اتصال أو احتكاك أو مشاركة.. لذلك فهو أكثر حدوثاً في الحياة الزوجية بمكوناتها الأسرية والمعيشية وما فيها من اتصال مباشر والتحام يومي.. من هنا كيف يمكن التعامل مع الخلافات الزوجية حتى لا تتفاقم وتدمر حياة الأسرة؟
2- لعل أهم خطوات الحد من الخلافات الزوجية هو حصرها بين الزوجين درءاً للأضرار وحرصاً على ألا تصل إلى الأبناء.. فهذا يهز نفسياتهم ويشعرهم أن كيان الأسرة مهدَّد بالتفكك.. أما إذا وصل الخلاف إلى تبادل الإهانات والشتائم المعلنة فهنا يكون قد تجاوز حد المعقول والمقبول.. ويصبح له تبعاته المدمّرة على صحة الأبناء النفسية ومستواهم الدراسي.. مما سوف يملأ نفوسهم بالشعور بالنقص طوال حياتهم.
3- يجب الحرص على ألا يتحوّل الخلاف إلى منافسة في إظهار من هو الأقوى والأشرس والأكثر عناداً وإصراراً على أذية الآخر معنوياً أو جسدياً.. فهذا يقود العلاقة الزوجية إلى طريق مسدود.. ويبطل مفعول كل مهارات التواصل المتوافرة لدى الزوجين فلا يعود لها قيمة.
4- أسباب الخلاف عديدة بعضها داخلي من ذات الزوجين وبعضها ناتج عن مؤثِّرات خارجية.. كما أن حالة أي من الطرفين النفسية لحظة وقوع الخلاف قد تشعل الخلاف وقد تطفئه.. ومن المسببات الداخلية عدم المبالاة أو العناد وعدم التنازل أو تنامي الإحساس بالكرامة فيندفع أي من الطرفين في تصيّد الأخطاء ويبتعدان عن فضيلة التغافل.. ومن المسبِّبات الداخلية أيضاً الفارق الذهني والمعرفي بين الزوجين أو المرض لأي منهما.. أما المسبِّبات الخارجية فهي تكاد تنحصر في: تَدَخُّل أهل أي من الزوجين.. طبيعة عمل الزوج أو الزوجة.. الحالة المالية للزوج.. تفضيل الزوج لأهله.. وبث أي منهما لأسرار المنزل.
5- الخلاف كما قلنا قدر محتوم لا مفر منه.. لكن كيف يمكن وأد الخلاف في مهده؟.. سؤال ليس له إجابة محددة لكن له أساليب متعددة منها: اختيار الوقت المناسب لمعالجة المشكلة.. الاعتذار والتحفظ في إظهار الغضب.. محاولة امتصاص شحنة الغضب.. حصر الخلاف في محيطه.. المرونة في التمسك بالرأي.. والحكمة في معالجة مسببات الخلاف.. وعدم المراوغة والمباشرة في معالجة الحدث المثير للخلاف.. ألا تهاجم ولا تنسحب وتتهرّب.. أن تكون وديعاً هادئاً في خلافك.. وأن تتصف بصفة السادة وهي التغافل.
6- الخلاصة أن التغافل من أهم وسائل المرأة والرجل في إدارة حياة زوجية سعيدة.. فالزوج والزوجة كل منهما رقيب على الآخر ولكنه ليس سجاناً.. وكلاهما قاضٍ وليس جلاَّداً.. له الحق أن يغضب لكن لا يحقد.. وله الحق في الدفاع عن نفسه ولكن بلا انتقام.. وقد يلوم أحدهما الآخر ولكنه يترك دائماً مجالاً للتسامح والصفح.