بات الدم البشري سلعة رخيصة يستخدم أو يسفك للوصول إلى غايات ومآرب بعيدة عن النقاء والطهر والنوايا الحسنة، وبلا مسوغات أو مبررات للسفك وللاستخدام، سوى مسوّغ ومبرر التنفيس عن مخزون الاحتقان والغضب الناتج عن القهر والظلم والإذلال؛ جراء الفهم الخاطئ والملتبس للقرآن الكريم..
في موقفه من الدم، مع أن القرآن الكريم كان واضحاً جلياً في آيات تحريم كل الدماء البشرية في سور مثل: البقرة 173، المائدة 3، الأنعام 145، النحل 115. وقد نخرج بعلّة من استغراب الملائكة على جعل خليفة لله في الأرض بشر يسفك الدماء، الاستغراب إشارة واضحة إلى حقيقة الكائن البشري، وأن الله نوى استخلافه لحكمة أرادها سبحانه وتعالى، كونه يعلم ما لا يعلمون ولا نعلم. في وقفة مع الدم من ناحية تناول ثلّة بشر له وشربه، نجد أنه سبق للأطباء أن أعلنوا أن الدم مرتعاً خصباً لتكاثر الجراثيم ونموها، حيث لا يحتوي على أي مادة غذائية للإنسان، فهو مختلط بمادة شديدة السميّة منها غاز ثاني أكسيد الكربون، غاز خانق وقاتل، وتناول الدم من مسببات عسر الهضم، كما وأن صب مادة قليلة منه في معدة الإنسان تجعله يتقيأه مباشرة، أو يخرج مع البراز، بدون هضم، مادة سوداء.
الدم السائل الأحمر الذي يمر على القلب المستضيء بضوء القرآن مروره على العقل المستنير بكلام الله “سبحانه” فتتناثر جزئياته بنور الله ممثلة في جزئيات البروتين المرتكزة داخل الخلايا العصبية للقلب والمخ تلك التي تترجم مشاعر الحب واللذة والشوق ومشاعر الخوف والريبة والوجل، لكنه ليس للتناول ولا للسفك والتصفية ولا لحمامات الدم!!. إراقة وسفك الدماء فلسفة قديمة أباحت سفك دماء العرب والمسلمين قروناً عدة، بالسواطير، والخواذيق، والرصاص، والإلقاء في البحر بعد ربط الأرجل بالأثقال، وفي ممارسة “الخصي” على الرجال. السفك وإهدار الدم اتخذ القرآن الكريم والحديث النبوي منه موقفاً حازماً وجاداً وصارماً، قال تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً}، ومن الأحاديث قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “لزوال الدنيا جميعاً أهون على الله من دم يسفك بغير حق”، حيث إن الدماء المسفوكة في الأوطان العربية من قبل الحكّام وأعوانهم دماء أغلى عند الله من الدنيا ودوامها، في حين لم يدرك العبد الذي استخلفه الله على الأرض تلك القيمة للدم عند ما ذهب يسفك ويستبيح ويستحل ما حرمه الله وكأن سمت السلطة التعذيب والقتل والتشريد تلك السمة الدموية التي لم تسلم منها سير النساء الحاكمات حيث حفظ لنا التاريخ سيرة أكبر سفاح في تاريخ المجر هي الكونتيسة Elizabeth Bathory، عاشت في القرن 16. مسؤولة عن مقتل 650 شخصا ويقال إنها كانت تسبح في دماء ضحياها للمحافظة على شبابها! وكانت تبحث عن دم أزرق ملكي يقيها الشيخوخة فقتلت 25 من فتيات الأسرة المالكة. في ألمانيا.. أحد أشهر سفاحيها هو Peter Stumpp ويدعى أيضا ذئب Bedburg عاش في القرن 16 أيضا. كان من آكلي لحوم البشر، متعطشاً للدماء ينقض على الناس والحيوانات معا. وغيرهم من شخصيات التاريخ الماضي والحالي الأبعد عن الدين وعن القرآن وعن الموقف الرباني من القتل والسفك والتعذيب وإراقة الدماء ومن قوله صلى الله عليه وسلم “أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء”!!.
bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443Twitter: @HudALMoajil