نهضة الوطن وشموخه ورفعته لن تأتي إلاّ من خلال ما تقوم به الأجيال المتعاقبة من ولاء ووفاء وعمل مخلص وجاد بعيداً عن كل العوائق التي تعرقل مسيرة البناء، وبلادنا ولله الحمد تنعم بالخيرات والأمن وها هي تواصل الطريق نحو الرقي والعلا، وقد أولت العلم والتعليم اهتماماً بالغاً وكان ذلك مؤشراً على العناية بالإنسان وتعليمه وإيصاله إلى المكانة التي يستطيع من خلالها خدمة دينه ووطنه ومجتمعه؟ إنّ الطالب الذي يواصل تعليمه ولأكثر من ستة عشر عاماً متواصلة، يريد وبدون شك في نهايتها أن يجد الوظيفة التي تتلاءم مع تخصصه؟ ولكن وبكل أسف تذهب هذه الأعوام كلها أدراج الرياح والسبب حميد الذِّكر القياس الذي أصبح يمثل كابوساً مرعباً كان مفروضاً على طلبة المراحل التعليمية في التعليم العام ولم يكتف بهم بل تعدّى إلى الخريجين والخريجات من التعليم العالي، وهؤلاء بالتحديد ضاقت بهم السبل لأن كل سنوات التحصيل تمسح بساعتين من الزمن وحتى الخريجين الحاصلين على درجة الامتياز حطم أملهم القياس؟ إنّ طلابنا يعانون من هذا الهم المسلط على طموحاتهم وآمالهم والذين كانوا يمنون أنفسهم أن يكون لهم مكان في المجتمع وإعداد أنفسهم للمستقبل وتكوين أسرة وممارسة الحياة العلمية والعملية، ولكن القياس الذي يرفض هذا الجهد وهذه الطموحات وأصبح يمثل كابوساً مزعجاً، خاصة وأن هؤلاء الخريجين لم يتلقوا أثناء دراستهم الجامعية أي معلومات ثقافيه خارج نطاق المنهج الدراسي، وعلاوة على أن الجامعات التي تخرجوا منها لم تكلف نفسها بعقد المزيد من الدورات التي تساعدهم على اكتساب الخبرات والمهارات والتسلح بالعلم المعرفي وتتركهم ليذهبوا إلى الطريق المجهول، وهذه الجامعات لم تتمكن من رسم الطريق الصحيح لهم ولن يتم الإسهام بتنمية مواهبهم علمياً ومهارياً، إن الخريج يحتاج إلى من يرسم له الخطط المستقبلية لكي يعرف أن مهنته التي سيكلف بها هي خدمة أجيال يجب العناية بهم.
إنّ القياس الذي يشتكي من سطوته أغلب الخريجين يحتاج إلى إعادة نظر ولندرك أن من يتولون المناصب التعليمية ونجح كثير منهم لم يعرفوا هذا الضيف الجديد المزعج ولا زالوا يمارسون أعمالهم بكل ثقة وإتقان وهناك أمر مهم لماذا يطبق القياس في بلدنا ونحن لازلنا بحاجه إلى إيجاد الكوادر في مجال التعليم وغيره، وأصبح القياس سبباً مباشراً في ازدياد عدد العاطلين من حملة الشهادات الجامعية، ومادمنا نطمح بإتاحة الفرص العملية للكل، فما الذي يمنعنا من فتح الأبواب أمام أبناء الوطن لخدمته كل حسب تخصصه لأن الأيام كفيلة بتميزهم وإدراكهم بأهمية المهمة المشكلة لكل واحد منهم، فهل يستجاب لطلب أبناء الوطن .. ننتظر .. ونأمل ألاّ يطول الانتظار ولندرك أن عدداً كبيراً من الخريجين أصبحوا يشكلون عبئاً على أسرهم ووطنهم لأن البطالة أصبحت متفشية بين الجامعيين وهذا أمر خطير لن يقبل به أحد وأن الوطن ليس بحاجة إلى الرسوم المتعلقة بالقياس وهناك من الطلبة والخريجين من لا يستطيعون دفع مثل هذه المبالغ رغم قلتها؟ إن أسر الخريجين ومجتمعهم لا يريد ان يشملهم شبح البطالة والإهمال لكل سنوات الدراسة.