دعوة وزير الشؤون الإسلامية، والأوقاف، والدعوة، والإرشاد - معالي الشيخ - صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، بأن : “مسيرة الدعوة الإسلامية في داخل المملكة، تحتاج إلى الكثير من الجهود في تجديدها، وتصحيحها، ومواكبتها للأحداث، وضبطها؛
لأنها ما بين عالم اجتهد أدى ما عليه، وما بين دون ذلك، ربما وقع في شيء من الغلط، أو من عدم الموافقة للمنهج الذي قامت عليه هذه البلاد المباركة”، هي دعوة يتبناها عدد من الباحثين، والمفكرين، تهدف في جملتها إلى تحقيق مبدأ التفاعل الحضاري الإيجابي مع الآخر، في ظل مراعاة ظروف اليوم، والابتعاد قدر الإمكان عن الخطاب التقليدي، دون أن يكون المقصود من ذلك تغيير معالم الدين، وإنما المقصود، إعادة ترتيب عقل العالم، والباحث، والمفكر؛ لتجديد الدعوة، وتحقيق سلطان الدين، ومكانته.
إن طريقة التواصل الخاضعة للمتغيّرات البيئية، والزمانية، والمكانية، والثقافية للمتلقي، تندرج ضمن تعليل الأحكام كمنطلقات؛ لتطبيق التجديد بصوره المختلفة. وهو ما دعا إليه الإسلام في مختلف العصور، والأزمنة إلى تحقيقه بضوابطه، وشروطه؛ انطلاقاً من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: “إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها”، الأمر الذي يؤكّد، على أن التجديد واقع عملي في أمة الإسلام، دون التركيز على قصر الحديث بالتجديد الانفرادي لكل مائة سنة، وهو ما بيّنه ابن الأثير - رحمه الله -، بقوله: “والأَوْلى أن يحمل الحديث على العموم..، ولا يلزم منه أن يكون المبعوث على رأس المائة رجلاً واحداً، وإنما قد يكون واحداً، وقد يكون أكثر منه؛ فإن لفظة (من) تقع على الواحد، والجمع، كما ذكر العلماء: أن من صفة هذا المجدد، وشرطه، أن يأتي عليه رأس القرن، وهو أوله، وهو حي عالم مشهور بنصر السنة، وقمع البدعة”.
من استقراء الواقع الفكري للأمة، سنلحظ أن الدعوة إلى التجديد في الخطاب الدعوي، يقتضي من حامله القراءة المتواصلة، ومراجعة أحداث المناسبة التي سيتحدث عنها، وأن يحاول الربط، والتحليل المنطقي السليم للأحداث الجارية، وأن يربط الماضي بالحاضر، والحاضر بالمستقبل، ثم ينتقل للحديث عن أنماط التجديد، كما عبَّر عنه - الدكتور - سالم محمود عبد الجليل.
عندما تتأكّد إرادة التغيير من حيث الفكرة، والممارسة، والأساليب التربوية، والمنهجيات الدعوية، بل التغيير في أشكالها، وتنزيلها على واقع الحياة، ومستجداتها، فإن الطموحات ستتحول إلى إنجازات عملية ثابتة، ومستقرة، كونها استجابت للتحدي الحضاري الجديد بمنهاج فطري، مع ضرورة العمل على إيجاد السبل؛ لتطبيق هذه الفطرية على أرض الواقع بفقهه؛ لتكون نافذة مسموعة، مصغى إليها، مأخوذاً بها لدى الآخر، فهل بعد ذلك نحن فاعلون؟
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية