هناك حقيقة غائبة لا يعرف أبعادها إلا الجامعات، هذه الحقيقة الغائبة هي قبول الطلاب بالجامعات، والتي نشرت يوم الاثنين الماضي حيث أعلنت وزارة التعليم العالي جاهزية الجامعات الحكومية لاستقبال أكثر من (367) ألف طالب وطالبة من خريجي المرحلة الثانوية, إضافة إلى حوالي (14) ألف مقعد سيوفرها التعليم العالي الأهلي في الجامعات والكليات الأهلية.
هذه جزء من الحقيقة قد يكون بعضها على ورق، أما الواقع فهو مختلف، وهنا الفارق بين التخطيط من المكاتب وعلى الطاولات وبين التطبيق خاصة بمنطقتي الرياض ومكة المكرمة.
جميعنا ننادي باستقلالية الجامعات إدارياً ومالياً وأكاديمياً لكن الجامعات في ظل ما تتمتع به اعتبارية لا تشجع على الاستقلال دون أن تتدخل وزارة التعليم العالي التي تسعى إلى تحقيق أهداف الدولة, والتوازن بين حاجات المجتمع وإمكانيات الجامعات بينها.
صحيح أن وزارة التعليم العالي وزعت خريجي الثانوية وعددهم (367) ألفا على الجامعات الحكومية والابتعاث الداخلي لكن التسجيل الموحد وغير الموحد في منطقة الرياض يعطي قراءة وواقعا مختلفا, فالطلاب على الورق سيقبلون في الجامعات الناشئة: جامعة شقراء، المجمعة، سلمان. وهؤلاء في الواقع سيعودون إلى جامعة الإمام التي أعلنت عن قبول (34.62) طالبا وطالبة وهنا نكون خسرنا ثلاث مرات هي:
أولاً: تسرب الطلاب من سكان مدينة الرياض لصعوبة إكمال تعليمهم في كليات تبعد عن مقر إقامتهم بمسافة تزيد على (200) كم, وبذلك خسرنا إكمال الدراسة الجامعية.
ثانياً: تفرض على الطلاب تخصصات وأقساما لا يرغبون بها وبهذا خسرنا طاقات طلابية قد تكون متميزة في تخصصات علمية إستراتيجية, ليتم تحويلهم إلى تخصصات لا يرغبونها من أجل إكمال الدراسة الجامعية.
ثالثا: خسرنا جامعات محددة لأنها أجهدت بالضغط الطلابي مثل جامعتي الإمام محمد بن سعود وصل العدد إلى (200) ألف طالب وطالبة، وجامعة الملك عبدالعزيز وهي الجامعة الحكومية الوحيدة في محافظة جدة بتعداد سكاني يفوق (3) ملايين نسمة. إذن الجامعات التي أعطت بياناتها حولت الطلاب إلى أرقام وكتل تحركها دون أن تأخذ بحسابها حجم التسرب من الطلاب والطالبات إذا شعروا أن كلياتهم تبعد عن منازلهم أكثر من (200) كيلومتر, وإذا عادوا إلى الرياض أو جدة سيخسرون تخصصاتهم والبديل أقسام لا يرغبونها. وهنا لا بد من تدخل وزارة التعليم العالي للضغط على الجامعات بتوسيع قائمة القبول لاستيعاب طلاب عواصم المناطق والمدن الرئيسة, الذين ظلموا بالقبول والتخصص والفرص.