قبل سنوات قليلة مضت، كنت أحدث صديقي برغبتي في العمل التطوعي لأي مؤسسة أو جهة خيرية، ولكني أجهل الإجراءات المنظمة لذلك، ضحك مني وقال إن الأمر سهل جدا، وإن اتصالا واحدا يجريه، سيكون بعدها الأمر منتهيا!
بعد هذا الحديث بأسبوع كنت بصحبته في زيارة مؤسسة خيرية (ما). بعد أن عرفني على رئيس المؤسسة وكان قد أحاطه علما بخبرتي في المجال الذي سأتطوع للعمل به في هذه المؤسسة.
كان الرئيس ودودا وهو يشكر حضوري، شاكيا من قلة المتطوعين للعمل الخيري، وأنه سعيد بانضمامي للعمل لديهم. سعدت بذلك، وفكرت هل سأبدأ العمل اليوم؟
لكن حبل أفكاري انقطع فجأة والرئيس يحيلنا حسب الإجراءات إلى نائبه. ومن نائبه إلى المشرف العام، ثم توقفت أقدامنا على باب مكتب مسئول التوظيف بالمؤسسة.
كان مزاجي قد تعكر وحماستي تاهت في تنقلنا بين المكاتب، فبدأ صديقي الحديث مع المسئول وقدم له ملخصا عن ما دار قبل وصولنا إلى مكتبه. كان يستمع لنا ويواصل هزّ رأسه.
وعندما حان دوره في الكلام سأل بوضوح: كم تتوقع مكأفاة مالية بالشهر لعملك لدينا؟
رددت بلغة أبسط: (ببلاش)!
سأل: كم ساعات دوامك المتوقعة؟ وكم..؟ وكيف..؟
احسست بدوار خفيف، وصداع يتزايد مع أسئلته المتلاحقة. لاحظ صديقي تعبي، فقررنا الوقوف والاستئذان للمغادرة، صافحنا عند الباب الخارجي مؤكدا أنه سيتصل بي خلال أيام ليحدد طبيعة عملي في المؤسسة!
لم يتصل أبدا. كنت أتوقع تعاملا أفضل، وأن يعاود الاتصال على الأقل للاعتذار لعدم الحاجة لخدماتي وتطوعي، لكني بلا شك كنت أحلم !
زاد هذا الموقف إصراري على أن أعرض نفسي على مؤسسة خيرية أخرى. تكررت القصة بنفس الاستقبال والترحيب، ثم تأكيد بالاتصال، ووعود بقيت في مبنى المؤسسة لم تغادرها!
حاولت أن أحلل الموضوع من كافة أوجهه فلم أعثر على تفسير منطقي لتجاهل طلب متطوع ولديه خبرة قد تفيد المؤسسة الخيرية ولا تكلفها شيئا! صحيح أن المجتمع يفتقد لثقافة التطوع وإن كانت أصلا إسلاميا، إلا أن غياب تنظيم العمل التطوعي، يجعله خاضعا لاجتهادات شخصية قد تطور أو تعيق العمل التطوعي للأفراد الراغبين بذلك!
ظننت وبعض الظن أثم، أنني لو عرضت خدماتي بمقابل مادي، ربما تغير الحال، مع تغيير في المعنى ليصبح: متطوع بأجر!
Tmadi777@hotmail.comalmadi_turki@