لو أن الأفكار مفضوحــــة لا يمكن سترها بالصمت.. أو غض الطرف عن مجاهرة النظر لعينٍ خبيرة.. وباتت تُقرأ بمجرد أن تقفز إلى الأذهان والقلوب.. أتظن أن يكون الوضع محرجاً أم خطراً؟
سوف تظهر الرغبات المنحرفة والمعتدلة.. وتتكشف المشاعر.. ولن يوجد شيء اسمه سرٌّ على وجه البسيطة.. والأهم من هذا كله.. لن يستطيع أي إنسان أن يمارس دور الأفضل والأتقى.. والأنقى سريرة.. تلك الممارسة التي يعتنقها الكثير.. لينتقد وينصح ويعتب.. ويحارب ويكفّّر.. دون أن يتوقف لحظة.. ويلتفت لنفسه ويبحث عن تلك الملائكية الطاهرة المطهرة.. التي تخوله لأن يصنف أو يحاسب البشر على دوافعهم.. وغرائزهم.. وجهلهم.. وحتى غبائهم.
لحظة واحدة كفيلة أن تخبرك أنك إنسان أيضاً.. يعتريك من النوازع ما يعتريهم.. وتمارس شيئاً منها.. والفارق الوحيد أن تكون مبنياً للمجهول.. وهم مبني للمعلوم.. تعرف عنهم.. ولا يعرفون عنك.. ونهاية المعادلة.. أمسك بعقلك قبل لسانك.. وأخبره أن يترك الخلق للخالق.. ويمارس إحدى مهامه التي خلق من أجلها.. ليصلح حالك أنت أولاً.
تلك المقدمة وإن طالت.. فإن الهوس “بتقطيع الجلود” واستباحة الأعراض بات يمر بنا في اليوم كثيراً.. لعل الهدف منه محاولة الناقد الساذجة ليسبغ على نفسه عباءة المثالية.. فالمنتقد لسلوكيات البشر.. الناشر لأسرارهم.. المعلن لعثراتهم.. يمارس حيلة قديمة.. تنطلي بسرعة على البسطاء.. ليرسم صورة نمطية بداخلهم.. أنه يرفض ويشجب ويستنكر مثل تلك الأمور.. وما تحدث عنها إلا ليخبر العالم أنه “شريف” جداً!
وبمناسبة الحديث عن الشرف بعد أن حُصر في زاوية الجسد.. غاب عن اللصوص وهم ينتزعون لقمة الضعيف والغافل.. ولم يعد له علاقة فيمن يحترم ضعف البشر ويسترهم ليقينه أنه بهكذا صنيع يفجر من قلب الحجر ماء التوبة والحياة من جديد.. وغفلت العيون عن رؤية الحق ونصرة المظلوم.. ليكون الشريف فقط من صام عن موبقات غريزة واحدة.
فالتركيز في مكان واحد دون سواه.. يترك مساحات شاسعة مشاعة لمن شاء أن ينهب.. أو يخدع.. أو يدمر.. فالأغلبية مشغولون بما يعتقدون أن فقد السيطرة عليه سيكون أول جرس يقرع لموتهم ونهاية حضارتهم.. وأمنهم واستقرارهم.
مع أن إصلاح الأماكن المهملة.. كافٍ لانفراج الزاوية.. فإذا نُحر شبح الفقر.. واعتدلت ثقافة التعليم.. وتقلصت البطالة.. واحترمت الصحة.. تصغر دائرة الانحرافات الجسدية تلقائياً ولا أقول تتلاشى.
amal.f33@hotmail.com