قلنا في المقالة السابقة إن صديقنا الكويتي حينما التقى صديقنا العراقي القديم والآتي تواً من العراق، وأنه سأله عن أحوال صديقنا العراقي الآخر الذي غادر الكويت بعد الحرب إلى بلاده العراق، فأجاب إنه بخير ويشتغل بمهنة «ونس بلبولك». فقلنا: وما هي هذة المهنة؟ قال إنه يعمل «اسعاد البلابل»، والبلبل في لهجة أهل العراق هو «البلبول»، فقلنا كيف استطاع صاحبنا فهم سيكولوجيا الطيور، إنها خبرة نادرة في عالمنا العربي? إننا عرفنا أنه يصطاد الذباب. فرد عليه الصديق الآتي من العراق: لا تحزن يا صديقي إنها الحرب. فما أقذر الحرب، إنها لا تترك على الناس إلا المآسي والفقر والجوع وسوء الحال. وأردف الصديق العراقي موجهاً كلامه لصديقه الكويتي: ولِمَ لم تسأل عن حال فلان صديقنا الآخر. وهنا فهمه «أيه الله يذكره بالخير.. كيف أحواله؟ فأجاب العراقي إنه أسوأ حالاً من أبو بلبول.. إنه يبيع عظام الموتى، أي موتى الحرب العراقية الإيرانية على أهل إيران الذين يهتمون كثيراً برفات أبنائهم لدفنها في النجف، إذ كل ما على صاحبنا إلا أن يستقبل أهل المفقودين أو القتلى في تلك الحرب ويعطونه أسماء قتلاهم، فيقوم بتزوير حلقة الألمنيوم التي يتقلدها الجندي عادة في الحرب والتي تحمل رقمه، ثم يجمع كمية من العظام كيفما اتفق ويبيعها لهم مع الشكر والثناء والدعاء أيضاً. ويبقى القول أخيراً وكما قلنا سابقاً.. آه ما أقذر الحرب.. ما أقذر الحرب.