لعل من أهم منجزات المرحلة على مستوى وطني اجتماعي، وأمني، واقتصادي، حدثت في الوطن هي حملة تصحيح الوضع للمقيمين خارج النظام،..
هذه الحملة وإن جاءت فاتكة بالتسيّب, وباطشة على الاستهتار..، وشديدة على التلاعب..، وقوية من أجل الضوابط..، فإنها لم تختص بجانب العمالة الهاربة، والمقيمين من الزائرين المعتمرين، والحاجين الباقين في خفاء، والمتسلّلين من المنافذ الضاربين عرض الحائط بكل قيم، وقانون، ونظام، بل هي أيضاً شملت المتسترين عليهم، والمستفيدين منهم من المواطنين, الذين لم تقع عليهم عقوبة، ولم يؤخذوا بجريرة أخطاء ارتكبوها في حق الوطن، والنظام حين استفادوا منهم، وعطّلوا أمر خروجهم حتى يؤوبوا تحت مظلمة الإجراء القانوني النظامي «الاستقدام»..!
أذكر أنني تناولت موضوع العمالة التي في البيوت من الهاربين من كفلائهم، أو المتخلفين من الحجيج لأكثر من مرة، ومنذ سنوات، ذكرت ما يؤول إليه أمر تشغيلهم من نقل الأمراض, وتأثير السلوك، والأعباء التي يتحمّلها النظام لمخالفة قوانينه،.. وكنت ألقي باللائمة على كل بيت يفتح لهم أبوابه..
غير أن النقاش الذي يقيمه معي من يقرأ كان يتمحور حول سؤال: «هل توجد بدائل..؟» بعد أن تحول الهروب من الكفلاء سبيلاً لرفع الأجرة، وزيادة دخل الهاربات والهاربين..، بينما المجتمع خلو من المؤسسات التي تضمن للكفيل, أو المستفيد منها ضوابط صارمة عندما تهرب العمالة المستقدمة نظامياً، يطبّق بها النظام عن طريق هذه المؤسسات الخدمية التي توفر العمالة التي يحتاجها الأفراد..
لكن في واقع الحال ليس هناك وجود لهذه المؤسسات النظامية، لذا بات التعامل مع هؤلاء المتخلّفين, والهاربين يتم تحت ضغط الحاجة إليهم, بما جعله أمراً مشروعاً.. ساد وهو لم يكن..!
وبانتشاره تفاقمت الظاهرة، وعمّت جميع البيوت، وعلى وجه الأكثرحدوثاً في المدن حول الحرمين، حيث المتخلّفين تحت مظلمة دخول العمرة والحج والزيارة..
فليت الدول المسلمة جميعها تتولى مراقبة، ومتابعة وفودها في هذه المواسم، وضبط عودتهم لبلادهم، بإحصاء أعدادهم من خلال التصريح الذي تمتعوا به لدخول وطن المشاعر بعد الأداء..،
ثم ليتهم يثمنون ما تحمله المجتمع السعودي طيلة هذه السنوات من جراء متخلفيهم من مواطنيهم قبل حملة التصحيح الواعية..
الآن، وإن ازدحمت السفارات، ومراكز الجوازات، وتعب الناس، واضطربوا، وأحرقت أيد إندونيسية من أولئك جزءًا من قنصلية بلدهم، وماج الناس، وتناكبوا، وزاد وطيس الهرج..، وأثقلتهم التكاليف, غير أن في الحملة تصحيحاً سليماً، فهي بحق حملة موفقة، لمستقبل لا يجد فيه المواطن، ولا غيره منفذاً للتلاعب مع النظام، أو تكلفة المجتمع بمن يكون بقاؤه غير نظامي..
فالنظام بكل ضراوته، وصلابته, وقيوده، ضامن للعدالة، وهو مصدر الأمن الصحي, والمعيشي، والاقتصادي.. بل سلامة الأفراد.. وفي البدء سلامة سلوكهم في التعامل مع الضوابط، والعلاقة مع احترام حدوده, وقيوده..
وفَّق الله الجميع لوطن آمن، ومؤسسات، وبيوت نقية..، مطمئنة..!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855