قبل أيام، أبدت شريحة واسعة من المثقفين، والناشطين، والأكاديميين، والصحافيين، والعلماء الشيعة، - إضافة - إلى فئات شعبية عريضة، امتعاضها من مشاركة “ حزب الله اللبناني “ في القتال داخل سوريا. وأصروا على التمييز بين دعمهم للمقاومة في وجه إسرائيل، ورفضهم القتال في سوريا، باعتبار أن للشعب السوري، كل الحق في أن يحدد بنفسه ما يرتضيه لنفسه من خيارات حاضرة، ومستقبلية، ومن نظام سياسي في منأى عن أي تدخل خارجي، أو من أي اتهام لهذا الفريق منه، أو ذاك بالخيانة، أو بالعمالة، أو بسواها من التهم المجانية.
البيان السابق، يؤكد على أن الانقسام في الصف الشيعي عانى من حالة اختطاف طويلة، نتج عنه اضطراب في حالة الأمن، وارتباك في الحالة السياسية، والاجتماعية في الأماكن التي يتواجد فيها؛ ولأن هذا الوضع، هو الأغلب على المشهد العام، فإن ظهور قضايا خلافية في الجسم الشيعي، دليل على أن هناك كم هائل على حجم الصراعات الداخلية بين مختلف الفصائل الشيعية.
لا بد أن يكون البيان مقدمة لخطوات حاسمة أخرى في المرحلة القادمة؛ من أجل الوقوف في وجه المحاولات المستميتة للتمدد الفارسي، بعيدا عن التلبيس على عموم المسلمين باستخدام جرافة “التقية”، وتحقيق مآرب التمدد المذهبي، والهيمنة السياسية لدولة إيران، - خصوصا - بعد أن هيمن حزب الله على القرار الوطني في لبنان، وهو ما جعله في خانة حزب طائفي، يخوض الحرب دفاعا عن المصالح الإيرانية.
لقد حان الوقت لإدراك مخاطر التمدد الفارسي في تشييع المسلمين من أهل السنة، والعمل على تقويض دولها، وفرض الهيمنة الفارسية عليها، والتي من آخر سوءاتها: دفع حزب الله إلى سوريا، - ومثلها - دفع قوات المهدي من العراق، وفيلق القدس من إيران، وحركت الحوثيين في اليمن، وشيعة البحرين، - إضافة - إلى ملايين العلويين في تركيا؛ لإشعال الانتفاضة ضد أردوغان. الأمر الذي جعل المخطط الإيراني يتعدى العراق، ولبنان إلى سوريا، وأخشى أن يصل إلى باقي دول المنطقة؛ تحقيقا لما يسمى بـ “الهلال الشيعي”، والذي سيمثل حاجزا خطيرا في الأمة الإسلامية، يعزل شرقها عن غربها، وينذر بتوسع قد لا نتخيل أبعاده، تارة باسم المقاومة كما في لبنان، وتارة باسم الثورة كما في إيران، وتارة باسم المحاصصة كما في العراق، وتارة باسم إلغاء التمييز، والاضطهاد، والظلم كما في الكويت، والبحرين، والسعودية، واليمن.
عودا على بدء، فإن على عقلاء الشيعة في العالم، أن يكون لهم موقف للحيلولة دون الانجرار نحو حرب طائفية مقيتة، وإدانة أعمال “ حزب الله “ الطائفية، والإجرامية، والتي يسعى - من خلالها - إلى إشعال حرب أهلية في المنطقة، قد تؤدي إلى انقسامها إلى دويلات متناحرة، وتخرج عن السيطرة، عندما تتجاوز المأساة الحدود كافة.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية