في لقاء ببعض السيدات المعنيات بالعمل على مؤازرة قرار الملك عبدالله بمشاركة المرأة مرشحة وناخبة بالانتخابات البلدية القادمة 2015 من خلال العمل على توسيع دائرة الوعي الاجتماعي بين المواطنين نساءً ورجالاً لأخذ هذا القرار الإصلاحي مأخذ الجد وعدم إدراجه في قائمة الأحلام المؤجلة أو التعامل معه بخبرة اليأس من جدوى المشاريع
الحكومية، فقد طرحت عدد من الآراء الإيجابية التي جاء فيها تثمينا للقرار ومحاولة لتحويله إلى حالة من التعبير العملي عن حب الوطن بشكل يومي بسيط.
وإذا كنت سأؤجل الحديث بالتفصيل عن حملة بلدي التي تحولت إلى مبادرة تحاول أن يكون لها دور ملموس على أرض الواقع في جعل مشاركة المرأة بالمجلس البلدي مكسباً سياسياً ووطنياً وأسرياً ومدنياً فإنني سأستعير من ذلك اللقاء عنواناً لهذا المقال لأحفر به كماركة مسجلة، العبارة المعبرة التي أطلقتها د. الجازي الشبيكي في اللقاء وأهدتها لحملة بلدي “إني من الناس”.. نداء بسيط يدخل القلب والعقل بما فيه من معاني المساواة الإنسانية وبما يستدعيه من الصور الحضارية لتلك السيرة الميسرة لحياة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.. ومنها مشهد أم المؤمنين السيدة أم سلمة وهي تخرج للفضاء العام حين سمعت نداء “أيّها الناس” مؤكدة مشروعية حضور النساء ومسؤوليتهن في ذلك بقولتها الشهيرة “إني من الناس”.
بالإضافة لاستعارة العنوان فإن الموضوع الذي تقرؤون اليوم ليس لي تماماً حق ادعاء حرقة كتابته أو عرق جهده. إذ إن جهدي في كتابته لا يتعدى جهد من يقترض من الشمس عدداً محدوداً من خيوط الشعاع ليعالج العتمة أو يحاول مشاكستها على أقل تقدير بزعزعة بعض ظلمتها.
فقد وصلتني وعبر إيميلات متفرِّقة وفي تواريخ متباعدة أو متقاربة على مدى أعوام عدد من المقترحات التي لم تقتصر كتابتها على النساء، بل شارك في إرسالها عدد من الرجال المستنيرين أيضاً حول ما يمكن فعله لتمكين المرأة من بعض حقوقها الشرعية والاجتماعية، ولإعادة الاعتبار لموقعها في الأسرة وفي الفضاء العام، ورأيت أن أنشرها علَّ هذه المقترحات تفتح مزيداً من نوافذ الحوار وعلَّها تجد طريقها لمن بيده القرار وليس ذلك على الله بعزيز. وكذلك لعلها تصل ليد السيدات بمجلس الشورى اللواتي وإن كان يفترض أنهن اليوم ممثلات للمواطنين رجالا ونساء معا فإن عليهن تجسير فارق التوقيت بين المرأة والرجل بإيصال مطالب المرأة السعودية والعمل على وضع الحاجات الملحة منها موضع التشريع.
وفي هذا ننطلق من القول أن المرأة تحظى بعدد من الحقوق الشرعية التي لم يعد يجهلها المجتمع ولكن المشكلة أنها ورغم الإقرار بها لا توضع موضع التنفيذ، وسأقوم هنا بوضع قائمة ببعض تلك الحقوق التي لا تشمل جميع ما أقر الشرع للمرأة من حقوق فاكتفي بذكر عينة منها على سبيل التذكير كما وصلتني. وكذلك أقوم بعرض عدد من الآليات المقترحة لتفعيل تلك الحقوق.
أولاً قائمة من حقوق المرأة المقرة شرعاً:
- حق التعليم.,حق العمل., حق الميراث, حق المهر, حق التصرّف بالمال, حق اختيار شريك الحياة, حق الرؤية الشرعية, حق اشتراط عدم التعدد, حق الحضانة, حق النفقة, حق التقاضي، حق العمل النزيه، حق المشاركة في الشأن العام.
ثانياً قائمة بالآليات المقترحة لتفعيل حقوق المرأة الشرعية مما ورد أعلاه ووضعها موضع الإقرار والتعميم والتنفيذ:
أ - آليات تطبيقية
1 - التصاريح للمبادرات الأهلية بإقامة جمعيات مساندة للقضايا والحقوق الأسرية (جمعية للمطلقات على سبيل المثال التي بدأ بعض السيدات بوضع نواتها وتحديد ما للمطلقات وما عليهن من حقوق وواجبات بالمجتمع السعودي (جمعية المتقاعدات... إلخ).
2 - إقامة مؤسسات رسمية لمتابعة الأوضاع الأسرية.
3 - إقامة مجلس مختص لشئون المرأة والأسرة.
4 - إقامة محاكم متخصصة متفرِّغة لاستقبال القضايا الأسرية.
5 - إيجاد وظائف قضائية (مساندة) ومنها وظيفة الدفاع والترافع تسند للمختصات من النساء للاضطلاع بالقضايا النسوية والأسرية في محاكم المملكة بالمدن والقرى على حد سواء. بما فيها محكمة التمييز العليا. وكذلك في ديوان المظالم، ومكتب العمل والعمال بوزارة العمل للنظر في مظالم المرأة في شئون عملها بالقطاعين العام والخاص. (وقد ذكرت لي بعض الرسائل الإلكترونية حجب بعض مؤسسات العمل بالقطاع الأهلي حق التمتع بإجازة الأمومة عن المرأة العاملة وتقليص ذلك الحق الذي يصل إلى أربعين يوماً (على قلتها) في أنظمة الدولة إلى أسبوعين فقط دون أن تجد المرأة من التسهيلات ما يساعدها على التظلّم أو الاحتكام في ذلك إلى مكتب العمل والعمال).
6 - تشكيل (داخل المحاكم والأجهزة ذات الصلة الأخرى مما ذكر) لجان حقوقية تلتزم الدولة بتوفيرها وبتسديد أتعابها وأخرى تطوعية للدفاع عن قضايا الأسرة والمرأة لمن لا يجدن القدرة المالية على الاستعانة الدفاعية والاستشارة الشرعية والقانونية المدفوعة.
7 - إقامة مركز للشكوى على غرار التجارب العربية الناجحة في هذا المجال.
8 - إقامة مراكز لمعالجة القضايا الأسرية مثل مركز منيرة بنت عبدالرحمن وجمعية مودة. مع إعطاء هذه المراكز الصلاحيات لمتابعة, القضايا وحلولها في جهاتها المرجعية كالمحاكم.. (الاستفادة من متخصصات الشريعة والحقوق والخدمة الاجتماعية والنفسية في هذا الشأن).
9 - إيجاد آليات عمل ملزمة لتنفيذ الأحكام القضائية ومتابعة تنفيذها (مثال: الاقتطاع مباشرة من دخل الزوج - الأب النفقة المقرَّرة) (مثال: إيجاد عقوبات رادعة للعنف الأسري سواء وجِّه ضد المرأة أو الأطفال) بمعنى تجريم العنف.
10- إيجاد مراكز (إيوائية) كريمة وآمنة للحالات التي لا تجد ذلك خلال فترة المقاضاة ولريثما يبت القضاء في الإشكاليات المطروحة.
11- إفساح موقع للمرأة بنسب ممثلة في الوظائف المعنية بالشأن العام والمخولة للمشاركة في اتخاذ القرار بما فيها على سبيل, “هيئة البيعة بالنسبة لنساء لأسرة الحاكمة”.
12- تيسير زيارة واستقبال العاملات في هذا المجال من العالم العربي والإسلامي للاطلاع على تجارب (تطبيقية) أخرى ليستفاد من نجاحاتها وتجنب تكرار الأخطاء، مع عدم السماح بتدخل جهات غير مختصة لمصادرتها.
13- تشكيل هيئة مراقبة وتطوير وإعادة تأهيل للسجينات. وحل مسألة عدم الإفراج عمن تتم محكوميتهن إلا بولي الأمر.
14- إقامة مراكز بحوث في المدن والقرى على حد سواء للوقوف على طبيعة الواقع العيني للمرأة والأسرة ولا يكتفى بمعالجة الواجهات في مراكز المدن الرئيسية.
وفي هذا لابد لابد لابد من أن يكون للمرأة نفسها ومن مختلف التخصصات والفئات الاجتماعية دور يتمتع بصلاحيات تشريعية وتنفيذية في هذه المواقع المقترحة. فإذا كان ليس المقصود إيجاد (عزل نسائي انفصالي) للتعامل مع قضايا المرأة على الصعيدين الأسري والعام ولابد من مشاركة الرجل في ذلك فهذا لا يعني أن يستفرد الرجل لا بالشأن العام ولا بالشئون الأسرية والمجتمعية التي تعرفها المرأة عن خبرة يومية وتجربة.
ب - آليات تشريعية
1- الشروع في تشكيل لجان متخصصة لوضع (وثيقة أو مدوَّنة) تفنِّد وتفصِّل حقوق المرأة الشرعية والحقوق الأسرية (تكون المرأة شريكاً رئيسياً في وضعها. وعلى أن يتم التوصل إليها بالنظر إلى جميع المذاهب والأخذ منها بما يلائم ظرف الزمان والمكان مع إمكانية المراجعة والاجتهاد احتكاماً إلى الكتاب والسنّة، إذ الشريعة ليست في أحكام مذاهب بذاتها وإنما في حكم الله).. رفعها (الوثيقة المعنية) لمجلس الشورى لتداولها وتقديمها لمجلس الوزراء لإقرارها.
2- إدخال هذه الحقوق الشرعية (إذا ما أقرت) إلى المناهج الدراسية للبنين والبنات على حد السواء وحسب التدرج التعليمي.
3- رفع كل أشكال الحظر الإعلامي لتداول هذه الحقوق ونشر الوعي بها.
4- المبادرة إلى فتح باب الاجتهاد في القضايا الخلافية في مسألة فقه المعاملات، وهنا نتحدث على وجه التحديد عن كل ما يتعلَّق بمسألة المرأة والأسرة في المنظور الشرعي في إطار حاجات ومستجدات العصر. ويمكن في ذلك توجيه التعليم الجامعي والما فوق الجامعي لإعداد كوادر قادرة على الإسهام في هذا المجال. أي إتاحة وتشجيع نساء مستنيرات للتخصص في الشئون الشرعية، كما يمكن الاستفادة من الكوادر الموجودة كما قال تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (7) سورة الأنبياء، مع ملاحظة أن هذا القول الكريم لا ينص على هوية العالم النوعية.
5- وعلى عاتق الكوادر النسائية (المتعلّمة) أن تعمل بمجهود ذاتي وجمعي وبغض النظر عن تخصصاتها كيمياء أو كمبيوتر أو آداب أجنبية على أن تمحو أميتها بالحقوق الشرعية للأسرة والنساء.
6 - الاستفادة من التجارب التشريعية العربية والإسلامية ونخص تلك التي تعتمد الكتاب والسنّة تحديداً في تشجيع النساء وبمجهودهن لإعادة قراءة ما يختص بالمرأة والأسرة من فقه المعاملات والمبادرة لذلك بطرق باب هذا المجال في ضوء حاجات ومطالب وتطلعات مجتمعنا.
7 - وأخيراً أن يبحث هذا الجانب التشريعي بتمثيل النساء في جميع الطبقات وبمختلف الخلفيات الفكرية والثقافية والتعليمية ولا يكون حصراً على تمثيل عدد محدود ممن يسمين (مثقفات أو داعيات أو حاملات شهادات).
هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد، وشكر الله لكل من أمدوني أو ألهموني هذه المقترحات وسوف أعود لجانب عملي من حياة النساء يتمثل في التمثيل بالمجالس البلدية وبتجربة مبادرة بلدي الأسبوع المقبل بإذن الله.
Fowziyaat@hotmail.comTwitter: F@abukhalid