واجه عمل المرأة في مجتمعنا العربي عامة وفي بلادنا على وجه الخصوص الكثير من الجدل والنقاش بين مؤيد ومعارض سواء كان ذلك جزئياً أو كلياً، كان آخر مظاهر هذا الجدل تلك الدعوة الغريبة التي أطلقها أحدهم بالتحريض على التحرش بـ (الكاشيرات) وقد جابهت تلك الدعوة الكثير من الأصوات المضادة مابين نقد ورفض واستهجان، وأنا هنا لست بصدد الدخول في خضم هذا الجدل لكن لأمر آخر مختلف من باب أن عمل المرأة في عصرنا الحالي من وجهة نظري أمرٌ حتمي مسلم به، مهما كثرت وتباينت الأصوات حوله حسب مصادرها.
أود أن أقول بمنتهى القناعة والوعي بأنني من المؤيدين جداً لعمل المرأة السعودية بشكل عام، بما في ذلك عملها بائعة في المحلات الخاصة بالملابس النسائية، ليس لأنني امرأة وحسب، ولكن لأن ذلك ما يتفق مع المنطق والعقل لأكثر من سبب أولها أن عمل المرأة ليس بالأمر المستجد على المجتمعات، فالمرأة كانت تعمل منذ سنين جنباً إلى جنب مع الرجل ولم تكن قط طوال عصور مضت مجرد كائن معزول مكتفٍ بكونه على قيد الحياة ملتزماً جدران منزله الأربعة، ثانياً: لأن المرأة تمثل نسبة كبيرة من عدد السكان وعدم مشاركتها في سوق العمل تعني تعطيلاً للإنتاج وخللاً كبيراً في اقتصاد البلاد، إضافة إلى أن هناك أسباباً أخرى اقتصادية واجتماعية للمرأة ذاتها، لكن هذا لايمنع من وجود بعض الملاحظات التي أوردها هنا.
وجدت نفسي مؤخراً في أحد محلات الملابس النسائية الخاصة بالمرأة وقد سعدت جداً بأن أرى بائعتين سعوديتين، فمنذ زمن لم أعش تجربة الشراء من امرأة سعودية في هذا المجال بالذات، لكنني لمست لديهن نقصاً كبيراً في الخبرة وفي المعلومات الخاصة بالمنتج الذي بين أيديهن.
إضافة إلى أمر آخر وهو عدم اتباع أسلوب جيد ومناسب للتعامل مع الزبونات، علماً بأن هذا النقص لايخص النساء فقط وإنما يشمل الرجال والنساء فقد اقتربت مني إحداهن قائلة:
(تبين شي؟)!
باللهجة المحلية وهي تعني (هل تريدين شيئاً؟!)
ولو قالت مثلاً : هل لي بمساعدتك؟ وسوف تقولها بلهجتها المحلية الجميلة (أقدر أساعدك؟)
(تحتاجين مساعدة ؟) لكان ذلك أفضل بكثير..
الملاحظة الأخرى أن البائعات يرتدين عباءات سوداء تماماً مثلهن مثل الزبونات بحيث يصعب التمييز بينهن ولو أنهن ارتدين على الأقل بطاقات تعريفية خارج العباءة لكان أفضل وربما لاتريد بعضهن إظهار اسمها الحقيقي، إلا أنني لا أرى بأساً في وضع اسمها الأول على الأقل، في نهاية زيارتي للمحل التفت أبحث عن البائعة لأقدم لها الشكر فوجدتها قد اختفت مرة أخرى بين مجموعة من العميلات اللاتي يرتدين الزي ذاته، بصعوبة تعرفت عليها لأقول لها “شكراً” وهو حقها وإن قصرت قليلاً في خدمتي أنا أو سواي.