لم يكن دفاع وزير الخارجية والمغتربين اللبناني - الدكتور - عدنان منصور، عن تدخل قوات حزب الله في “ معركة القصير “ بسوريا ، بأنه : “ عمل وقائي، واستباقي؛ لحماية أهلهم، وأقربائهم، وأبنائهم من اللبنانيين في مواجهة المجموعات المسلحة التي أرادت أن
تجعل منهم فريسة للخطف والابتزاز، والقتل “، له ما يبرره، إن من الناحية الشرعية، أو من الناحية العقلية. فكل تدخل خارجي - ما لم يكن صادرا بقرار من مجلس الأمن -، يعتبر انتهاكا لسيادة دولة أخرى، وعدوانا من الناحية القانونية؛ لكنني سألتمس مخرجا لمعالي الوزير، بأن حديثه - هذه المرة - أتى في سياق محاولة تخفيفه من أهمية التدخل العسكري لمقاتلي حزب الله، والعمل على تهدئة التفاعلات العربية والإسلامية والدولية لهذا التدخل.
تلك الادعاءات في الاعتبارين - الإنساني والقانوني -، تعتبر ساذجة، لا قيمة لها. فتدخل حزب الله كان بدافع المقاومة الإستراتيجية، وخوض المواجهة؛ لاستهداف عناصر جيش الحر في - الزمان والمكان - المناسبين، كونه حليفا طائفيا للنظام السوري؛ ليدفع كرة اللهب نحو إثارة أحقاد تاريخية دفينة، حاول الجميع تجاوزها؛ وليكون شريكا للنظام السوري في القتل والإجرام والإرهاب.
تدير إيران اللعبة الجيوستراتيجية؛ لزعزعة استقرار المنطقة والوصول بها إلى حالة صراع لا يمكن التنبؤ بنتائجها؛ ولأن حزب الله دخل “ مدينة القصير “، فسيكون أحد أطراف هذا الصراع، وستدخل المعركة مرحلة جديدة من الحسم، بعد أن أخذت البعد الطائفي؛ من أجل إعادة تقسيم المنطقة ضمن مشروع “ سايكس بيكو “ جديد، وتداخل مشاريع هيمنة، ونفوذ دولي متداخلة على الأراضي السورية، باعتبار أن حزب الله يمثل كيانا سياسيا معلنا في ارتباطه مع إيران بل ويتبع مرجعية “ولاية الفقيه”.
أمام هذه المعطيات والتي تشكل جزءا من معطيات أوسع فإن احتواء الوضع الأمني في المنطقة مطلوب ومشاركة حزب الله في “ معركة القصير “، سيجر لبنان إلى مشاكل كبيرة، وسيبعده عن سياسة النأي بالنفس - خصوصا - وأن القانون الدولي قد لا يطال تدخل حزب الله في سوريا، - لاسيما - بعد تصريح رئيس أركان الجيش الأمريكي - الجنرال - راي أوديرنو، بأن : “حزب الله، ومن هم على شاكلته من الجماعات ليسوا دولاً فإنه لا تتم محاسبتهم لعدم وجود قوانين دولية - في الوقت الحالي -، تتعامل مع التهديدات التي تشكلها هذه الجماعات “، الأمر الذي أعتبره شخصيا، أن المنتصر هو من سيرسم مناطق نفوذ جديدة، لما يعرف بخارطة شرق أوسط جديدة. وفي المقابل، سيرسم الشعب السوري تاريخه - اليوم - بدمائه، بعد أن وصل حجم الضحايا، والدماء في سوريا إلى آفاق مخيفة.
في قراءة نحو تدخل حزب الله في الوضع السوري بشكل عسكري، فإن حزب الله يكون قد ارتكب خطأ فادحا؛ لمحدودية إمكاناته، ولصعوبة مهمة الحسم العسكري. فالمعطيات السياسية والعسكرية، تشير - كلها - على أن الحرب في سوريا ستطول وأن أفقها غير مرئي على المدى القريب، وهو ما سيحفز المعارضة على القتال بشراسة.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية