** شهدت مؤسسة الحرس الوطني العسكرية قبل عدة أيام؛ تحولاً مهماً في تاريخها الممتد لخمسين عاماً مضت، فقد انتقلت من رئاسة عامة؛ إلى وزارة.. (وزارة الحرس الوطني)، فهي حرية بهذا الترقي والتطوير الإداري، وجديرة بهذه المكانة العلية،
لأنها من المؤسسات العسكرية القلائل في المنطقة العربية، التي تملك خبرات عسكرية تراكمية لخمسة عقود، وتنمو وتتطور وفق منهجية علمية وعملية عصرية، وهي واحدة من غراس عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، عندما تحولت من الحرس القديم إلى رئاسة عسكرية حديثة، فعبد الله بن عبد العزيز هو الذي أنبتها فكرة، وتعهد غرسها، وبناها ورعاها، حتى أصبحت في مستوى المسئولية الوطنية، تحمي وتبني وتنمي وتربي معاً، فحماية الوطن والمشاركة في نمائه وبنائه وتربية أبنائه، هي من أهم مهام هذه المؤسسة العريقة، جنباً إلى جنب، مع وزارة الدفاع، ووزارة الداخلية.
** تميز الحرس الوطني السعودي منذ تأسيسه بالمفهوم الحديث الذي هو عليه اليوم، بأنه يمزج بين العسكري والثقافي والاجتماعي في بوتقة وطنية واحدة، وتناغم اجتماعي فريد. إن انشغال رجال الحرس الوطني بمهامهم العسكرية، لم يحل بينهم وبين خدمة المجتمع في الملمات والكوارث، ولم ينسهم دورهم الكبير في حفظ تراث شعبهم، وإبراز ثقافته، وعكس هويته، فقد تجلى ذلك في تأسيس وتنظيم (مهرجان الجنادرية الثقافي) السنوي، الذي نافس أكبر وأقدم المهرجانات العربية، ونهض بدور كبير في الحوار الفكري الجاد، والتثاقف الحضاري المميز، والتقريب بين الشرق والغرب، وهذه واحدة من أبرز نجاحاته الفكرية والثقافية. وهي كثيرة.
** وجوه عديدة تصدرت المشهد الثقافي الجنادري منذ ظهوره؛ إلى جانب رأس الهرم في إدارة هذا النشاط غير المسبوق؛ (خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز) رعاه الله، من أبرزها: سمو (الأمير بدر بن عبد العزيز) رحمه الله، نائب رئيس الحرس الوطني أوان ذاك، و(الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري) رحمه الله، مساعد رئيس الحرس الوطني.. رجال كبار وأسماء لامعة، كانت وراء هذه الإنجازات العسكرية والثقافية لمؤسسة الحرس الوطني لعقود لا تُنسى أبداً، ثم يأتي سمو (الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز) وزير الحرس الوطني؛ في مرحلة تحول مهمة، لها استحقاقاتها الجديدة في تاريخ الحرس الوطني، الذي نتمنى له المزيد من التطور والنمو والنجاح في مهامه كافة؛ عسكرية وثقافية وغيرها، فالأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز، ابن بجدتها كما يقولون، لأنه ابن راعيها وبانيها، وخريج هذه المدرسة العسكرية للحرس الوطني، وأحد قادتها المبرزين لأعوام عدة.
** مما خطر في بالي؛ وأنا أستعرض مسيرة مؤسسة الحرس الوطني، كفاءة هذا الجهاز البارزة، وقدرته المتنامية؛ على تنويع نشاطاته ومساهماته الاجتماعية والوطنية.. هذا أمر لا يشك فيه أحد، ولهذا فإن مسألة الشباب الذين يشكلون نسبة عالية من تعداد السكان، واستيعابهم أو تجنيدهم في برامج تدريبية مهنية تعود بالنفع والفائدة عليهم وعلى وطنهم؛ هذه أمنية تراود الحريصين على مستقبل شبابنا، حتى من بين الشباب أنفسهم، ولا نظن في وزارة الحرس الوطني بقيادة وزيرها الأول الأمير متعب بن عبد الله؛ إلا حرصاً وتماهياً مع الفكرة إن تمت دراستها وبرمجتها، ذلك أن التجنيد من أجل التجنيد؛ ليس هو الهدف، وإنما التجنيد من أجل الضبط والربط والتدريب المهني، الذي يضخ إلى السوق في المستقبل، العقول النيرة التي تخطط، والأيدي التي تعمل وتنتج، وتأخذ مكانها الطبيعي في قيادة وإدارة صناعة البلاد، وتوفير حاجتها من الأيدي الفنية الماهرة، التي توقف زحف العمالة الوافدة إلينا بالملايين.
** أتذكر أن توجيهات صدرت منذ سنوات خلت من خادم الحرمين حفظه الله في هذا الخصوص، كان الهدف منها- على ما أذكر- فتح المدارس العسكرية في الحرس الوطني، وفي غيره من المؤسسات العسكرية، وتنظيم دورات صيفية للشباب الراغب في التدريب التقني والمهني.
** إن وزارة الحرس الوطني؛ يمكن لها أن تتصدى لتنفيذ هذه الفكرة الرائدة، في إطار من التربية السلوكية، والإلزام المرتبط بالتوظيف، وتحقيق أدنى حد من الانضباط السلوكي للشباب بعد التعليم العام، لمدد تصل إلى عام أو أكثر، وتكون كافية عسكرياً ومهنياً، لجيل قادم منتج.
** وزارة الحرس الوطني اليوم، تنهض بأدوار عسكرية وثقافية واجتماعية وتنموية، وحتى صحية، وأراني مع مطالبتها في هذا الوقت؛ بدور ريادي، لتجنيد الشباب وتدريبهم مهنياً.
H.salmi@al-jazirah.com.saassahmhm@gmail.com