لم يكن المشهد الثقافي السعودي بشقية الأدبي والفني بحالة استقرار وازدهار، بل هو في مرحلة الحبو - وما زال على الرغم من محاولات وزارة الثقافة والإعلام للنهوض به إلا أن محاولاتها لم تكن جذرية فكانت أشبه بتحويلات التفافية على مطبات وضعت بمفاهيم اجتماعية خاطئة أو بنظام الوزارة ذاتها التي لم تطور آليتها منذ زمن ليس بالقريب وفي أغلبها حلول مؤقتة (مسكنات)، ليس إلا.
لا أقول هذا القول جزافاً، بل إن المعطيات وحالة التذمر الحاصلة لدى المثقف من هذا الواقع عند الوزارة أجبرني أن أكتب دون مجاملة فلنأخذ ما هو حاصل بالنوادي الأدبية من مد وجزر لهو دليل ناصع على حالة عدم الاستقرار وجمعية الثقافة التي مضى على تأسيسها ما يزيد عن أربعين عاماً لم تنتج مسرحية تجوب الوطن العربي طلباً من مسارحه ليتم عرضها وحراكاً تشكيلياً يسطع لونه بسماء الوطن العربي على أقل تقدير، وإذا كان هناك حراك أدبي أو فني سعودي فهو إنجازات فردية ليس للوزارة معروف بها وليس هذا وحسب، بل إنها الوزارة الوحيدة التي لا يوجد لديها فروع بالمناطق وكأنها خارج إطار التغطية.
فقد ساد حديث في الأوساط الفنية نقل عن مكاتب وزارة الثقافة مفاده أن الوكالة تسعى جاهدة لتفعيل هيئة عليا للفنون تكون بمثابة الغيمة التي تمطر على الفنون والغطاء لها من أشعة تحرقها بين وقت وآخر.
قد يكون ما سمعناه جميلاً ونأمل أن يكون بأمر الفنون آلية تنقذها من الحال التي تكتنفها، علماً بأن مقترح الهيئة العليا للفنون كان قد طرحت هنا بـ(الجزيرة التشكيلية قبل ما يقارب عام ويؤمل فيه أن تعاد هيكلة جمعية التشكيليين لتصبح مظلة شاملة تحمل اسم الهيئة العليا للفنون، خصوصاً في هذا الوقت الذي أصبح لكل فن من الفنون جمعية مستقلة تمثّلت في الجمعيات الخمس، جمعية التشكيليين وجمعية الفوتوغرافيين وجمعية المسرحيين وجمعية الكاريكاتير وجمعية الخط العربي ويتم ضم رؤساء مجالسها إلى مجلس إدارة الهيئة العليا ليتمكّن كل فن من تحقيق أهدافه من خلال جمعيته بعد أن سئم الجميع من الأدوار الروتينية والمتراجعة السابقة من قبل جمعية الثقافة في وقت تتسارع فيه حركة الساحات بكل تنوّعها، وأحداثها خلط الحابل بالنابل وإفقاد المبدع بوصلته.
الشاهد هنا أن تفعيل الهيئة العليا للفنون وفصل وزارة الثقافة عن وزارة الإعلام لهو مواكبة للتطور الفكري بالمشهد الثقافي السعودي لدى الأفراد والرقي بالمؤسسات المعنية بالشأن الثقافي.
jalal1973@hotmail.comtwitter@jalalAltaleb - فنان تشكيلي