«طبق الفول « على سفرة الصباح، كما قطعة «المغناطيس».. يجذب أفراد الأسرة..!
يجمعهم على حكايات الجدات..، وتعاليم الأمهات.., ومشاكسات الطفولة، وطعم «لمَّة «العائلة..
له زخم يدعو المدينة كلها لتحضر في الحاسة...،
ويُحضر بيت الأهل اسماً اسماً، ووسماً وسماً...,
وجمع القربى زمناً وتاريخاً...,
ووجوه الأحبة غياباً وحضوراً..
حتى طعم حبيباته، ونكهة خلطته، وشكل تقديمه،..
ومواعيد الصباح، والمساء حين يأتي به الأب.. أو العم.. أو الزوج.. من «الفوَّال»..،
ومعه أرغفة الخبز الساخنة..، يتلهّف عليه الصغير قبل الكبير.. بزخمها وأبخرتها...
كل الأطعمة تغيّر طعمها إلاّ طبق «الفول»...
وكل الذكريات تختفي أطيافها إلاّ نداءات تبعثها صفحة وجهه وهو يتصدّر أطباق سفرة «الخميس» اليتيم الذي تلتم فيه «العوائل»..،
ويجتمع فيه الآباء بأبنائهم، والأفراد في الأسر..
وكل الذين شتّتتهم مواعيد العمل, والدراسة, ومشاغل الأيام عن بعضهم...,
فلا يكاد يجتمع بهم وقت إلاّ هذا.. ولا شمل غير وجبة الإفطار في نهاية الأسبوع..
« طبق الفول» وجه من أوجه المدن.., والبيوت.., والماضي.. والحاضر.. !
يقبل عليه الكبار، والصغار..,
يجتمع عليه الفقراء..، ويميّزه الأغنياء..!
تقدمه المطاعم، والطائرات، والمقاهي..
في زوايا الشوارع الشعبية، وفي حجرات الطعام الفارهة..
في القصر، والبيت، والكوخ، وتحت العريشة،..
في العمار, والخراب..,
وجه للذكريات التي ضاعت أشذاؤها، وتبخّرت تفاصيلها..
حين يحضر بين الأطباق أول ما تمتد إليه الأيدي..
ربما لأنه يعيد للطفولة طعمها، ويأتي بالماضين ذكرى، ويلم الحاضرين مشاركة..
وقد اختلفت بهم كل الأشياء..، إلاّ طبق الفول لا يختلفون عليه أبداً، مهما تباعدوا،..
مهما كبروا أو صغروا، بعدوا أو قربوا، تلوّنوا أو بقوا...!!
هو الأصيل الذي لا يتغيّر لونه،, ولا طعمه,، ولا سماته, ولا صفاته..!!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855