حراك دؤوب تشهده كافة مدن المملكة ولاسيما الكبرى منها أبهجت المواطن الصالح الذي يتطلع إلى مشاهدة بلاده وهي تماثل البلاد المتقدمة في تحسين مستويات الخدمات العامة وتقديم أفضل الجهود لرعاية المواطن والمقيم، ومن ملامح هذا الحراك على سبيل المثال لا الحصر النشاط الرقابي على الأسواق من حيث جودة المعروض وضبط الأسعار، وجهود المرور والجوازات في عدة مناشط من اختصاصاتهما، والبلديات في جولاتها الجادة على المطاعم والمقاهي والزوايا التي تقدم الوجبات الخفيفة، وعلى الباعة الجائلين، ووزارة التجارة قد خصصت أرقاماً هاتفية وحسابات الكترونية للإبلاغ عن المخالفات، وهي لازالت تفعل وتنفذ ما تقوله واثرذلكم واضح وجليّ والمطلوب المزيد والمثابرة، الدفاع المدني جهوده كبيرة وإن حدث بعض الملاحظات فهي لا تقلل من هذه الجهود، وقد يكون مردّ ذلك لتجاوزات الجمهور بعدم تنفيذ التعليمات أو لقلة الخبرة وكل هذا يمكن تجاوزه وعلاجه مستقبلاً بعد مزيد من الدراسات والتطبيقات والتمارين الميدانية لو نفذها جهاز الدفاع المدني استعداداً لحوادث متوقعة مستقبلاً، ولن تغفل جهود وزارة العمل، كما يلفت انتباه المواطن المنصف الإنجازات الأمنية التي تسجل وسط إعجاب الجميع بالسرعة والانضباطية وهي محل تقدير المواطن لرجال الأمن والبحث الجنائي فكم جريمة ظن مرتكبوها أنهم أذكياء وأن عيون الأمن وأيدي العدالة لن ترقبهم وتوقفهم، فإذا بهم بعد سويعات في قبضتهم.

هذه النهضة الرقابية والجهود الخدمية ما هي إلا ثمار من منتجات النهضة الشاملة الحديثة التي تشهدها المملكة قاطبة في العهد الزاهر، نحن هنا في بلادنا اعتدنا على تتابع مشروعات التنمية الضخمة وقد لا ينتبه بعضنا لضخامتها لأن كل مشروع يطغى بضخامته على أخيه مما ينسينا الأول وما قبله من مشروعات نظن أنها اعتيادية، في حين أن المراقبين والمتابعين خارج بلادنا يستشعرون ويقدرون حجم هذه المشروعات التي يوصف كثير منها بالعملاقة، وقد يعود اعتيادنا على رؤية مثل هذه المشروعات لأننا لا زلنا نبني ونشيد عشرات المشاريع تلو العشرات بموجب خطط تنموية مسبقة، وقد يكون غيرنا توقف عن مشروعات أساسية أو ليس لديه ما ينفذه من مشروعات حسب الإمكانات المتاحة، ويرد في نشرات أخبارهم استعراض لمنجزاتنا التنموية التي نراها كمواطنين طبيعية اعتيادية ويرونها عملاقة استثنائية، هنا يكمن الفرق في التقدير مما يلزم معه إعادة النظر من البعض في أحكامه والمقارنة المتأنية، وسيجد في نفسه الرضى والاطمئنان على مستقبل زاهر مشرق بإذن الله وألا ينقاد وراء أقاويل قد تكون مشوبة ببعض المؤثرات والإحباطات غير المنطقية.

مع هذا الحراك الجميل ارصد آمالاً عريضة من شرائح مختلفة تأمل بتنظيف المدن والقرى من العمالة السيئة العابثة الفائضة عن الحاجة، بل شكلّت عبئاً على البلاد والعباد في كل اتجاه، وذلك بخطط مدروسة متزنة، وثمّة ملاحظة سريعة هي انه في الآونة الأخيرة زادت نسبة الحرائق في المستودعات والورش وغيرها، مما يدعو للالتفات للعمالة المتدنية التي خافت على مستقبلها هنا وشعرت بفقدان مصالحها غير الشرعية فأوحت لها أنفسها الضعيفة بالانتقام والتشفّي من الجميع، وكأن عهداً بيننا وبينهم بمنحهم ممتلكاتنا وهم القادمون تسللاً وتهريباً.