لم يعد خافياً على أحد أن المنطقة العربية شعوباً ودولاً مستهدفة، بل الأكثر من ذلك أن العالم الإسلامي في دائرة الخطر، وأن مكامن الخطر مبعثها أنظمة وأحزاب محسوبة على الدول الإسلامية، وتعمل بوعي أو حتى بدون وعي لتنفيذ أجندات ومخططات أعداء الإسلام، فالمتشددون والمتطرفون منحوا القوى الدولية المعادية الكثير من المبررات لتدمير القوة الإسلامية. وكون العرب المرتكز الأساسي للعمل الإسلامي فإن المواجهة المجدية للتصدي لمخططات الأعداء يفترض أن تكون بتعاون وتنسيق وعمل متواصل بين الدول العربية المركزية ونظيراتها من الدول الإسلامية. واليوم في عالمنا المعاصر تبرز المملكة العربية الإسلامية وتركيا بوصفهما أهم دولتين عربياً وإسلامياً يعول عليهما أن تقوما بالمهمة؛ وذلك لامتلاكهما كل المقومات اللازمة للقيام بالعمل الذي ينتظره العرب والمسلمون، فالمواجهة والتصدي لمخططات الأعداء ليسا بالاستعراض والقيام بمغامرات لا تعود على الأمة بالنفع، بل تزيد من التوريط. والذي يتابع العمل السياسي السعودي والتركي على حد سواء يرى فيهما تشابهاً ونسقاً يستهدف المصلحة الإسلامية وفق قيم سياسية أخلاقية، لا تقتصر على تحقيق المصالح التي أصبحت عنواناً لكثير من السياسات الدولية.
ومن هنا تبرز وتظهر أهمية التنسيق والعمل بين المملكة العربية السعودية وتركيا، ليس فقط في المجالات الاستراتيجية والسياسية وحتى العسكرية، بل يجب أن يتعدى ذلك إلى العمل على تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري والتنموي. فبالنسبة للتعاون التنموي بين البلدين فإنه يشكل الركيزة الأساسية لتطوير العمل بين الدول عموماً، خاصة أن البلدين ينفذان مخططاً تنموياً طموحاً، كما أن كلاً منهما يمتلك مقومات تكمل الآخر؛ فالمملكة تمتلك الطاقة والإمكانات المالية، وتركيا ذات اقتصاد قوي، وتمتلك المهارة البشرية والخبرات، خاصة في مجال تنفيذ البرامج التنموية الكبرى، خاصة في مجالات الإسكان والطرق والإنشاء، التي طرحت المملكة العديد منها في خطتها الخمسية الحالية.
ولهذا فإن الدوائر الاقتصادية والتجارية في تركيا والسعودية تنظران بترحيب كبير وباهتمام إلى الزيارة التي يقوم بها سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلى تركيا بدءاً من غد؛ فهذه الزيارة - إضافة إلى أبعادها السياسية والاستراتيجية - لا بد أن تعزز التعاون التنموي بين البلدين، وتنطلق به إلى أبعاد وآفاق رحبة، وتقوي التنسيق السياسي والاستراتيجي والعسكر
jaser@al-jazirah.com.sa